كتب: المحرر السياسي
من يراقب المشهد الانتخابي العراقي اليوم، لا يحتاج إلى كثيرٍ من الجهد ليدرك أن تحالف “الإعمار والتنمية” الذي أعلنه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لا يشبه في عمقه ما يظهر على سطحه. فمع كل ما يحمله الإعلان من شعارات براقة عن “عبور الطوائف” و”بناء الدولة”، يبدو أن التحالف أُسس على قاعدة هشّة، ويكاد يُختزل باسم السوداني وحده، لا بوزن من انضموا إليه.
من الناحية الشكلية، لا يمكن إنكار الجهد التنظيمي الذي بُذل لجمع خليطٍ من الكيانات والشخصيات السياسية المختلفة: من الليبرالي إياد علاوي، إلى محافظ كربلاء نصيف الخطابي، إلى رئيس هيئة الحشـ،،د فالح الفياض، وصولا إلى وزراء ونواب سابقين وحاليين. مزيج يُراد له أن يرسل رسالة مفادها: نحن الجميع. ولكن من قال إن تعدد الألوان يعني حتما تشكيل لوحة فنية ناجحة؟
في العمق، كثيرٌ من هذه الشخصيات، عند اختبارها في صناديق الاقتراع، بالكاد تستطيع أن تجمع حفنة من الأصوات، لا جمهورا انتخابيا فاعلا ولا إمتدادا جماهيريا يُذكر. بعضهم يملك رصيدا من الصور أكثر مما يملك من الأصوات، ويتكئ على ماضي المناصب لا على حاضر الإنجاز.
هنا، يبرز السؤال الحرج: هل هذا تحالف انتخابي حقيقي؟ أم مجرد محاولة لإلباس مشروع السوداني لبوسا وطنيا واسعا دون مضمون انتخابي حقيقي؟ الواقع يشير إلى أن ثقل التحالف سينهض على أكتاف السوداني وحده، ونتائجه ستقاس بشعبيته دون سواها.
لكن هذه المعادلة بحد ذاتها لا تُبشّر بخير. فمهما كانت شعبية السوداني، فإن الاعتماد على شخص واحد لتحصيل نتائج على مستوى وطني هو مجازفة محفوفة بالمخاطر، خاصة في ظل نظام انتخابي يتطلب حشدا جماهيريا منظما وموزعا جغرافيا بذكاء، لا مجرد أسماء لامعة في بيانات التأسيس.
بلغة الأرقام، قد لا يحصل هذا التحالف على أكثر من 20 إلى 25 مقعدا في عموم العراق، وهو رقم متواضع إذا ما قورن بحجم التوقعات والزخم الإعلامي المصاحب لإعلانه. تحالف بهذه التركيبة لا يبدو أنه مؤهل ليكون بيضة القبان في المعادلة القادمة، بل مرشح لأن يكون مجرد رقم إضافي ضمن خارطة الاصطفافات المتكررة.
أما الحديث عن “التحالف العابر للطوائف”، فهو أشبه بتكرارٍ بلاغي اعتدناه في كل دورة انتخابية، سرعان ما يتبخر مع أول صفقة توزيع مناصب. فالكثير من الكيانات المنضوية اليوم في هذا التحالف، كانت قبل أشهر فقط جزءا من الانقسام الطائفي، أو أطرافا في محاور متناقضة لا يجمعها شيء سوى القلق من المستقبل.
لا ريب أن السوداني يملك رصيدا حكوميا لا يُستهان به، ونجاحات خدمية حقيقية تحققت في عهده، لكنه اليوم يواجه معضلة سياسية لا إدارية: كيف يحوّل هذه الإنجازات إلى أصوات، في وقت يفتقر فيه إلى حلفاء يمتلكون القدرة على خوض المعركة الانتخابية فعليا؟
الزمن وحده كفيل بكشف مصير هذا التحالف. لكن حتى الآن، الصورة لا تدل على ولادة قطب سياسي قوي، بل على محاولة إنقاذ مشروع فردي بواجهة جماعية، في موسم انتخابي لا يرحم المجازفات غير المدروسة.
#الانتخابات_العراقية
#تحالف_الإعمار_والتنمية
#محمد_شياع_السوداني
#الواقع_السياسي
#البيت_الشيعي