بغداد_حوراء هادي
شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد العراقيين المسافرين إلى خارج البلاد، سواء لأغراض السياحة أو العلاج أو التعليم أو حتى الهروب من الواقع السياسي والاقتصادي المتأزم، ووفقًا لتقارير اقتصادية، يقدّر حجم الإنفاق السنوي للعراقيين على السفر الخارجي بنحو 6 مليارات دولار أمريكي، وهو رقم يُثير العديد من التساؤلات حول أسبابه، وتبعاته الاقتصادية على الداخل العراقي، ومدى إمكانية توظيف هذه الأموال في تنشيط السياحة المحلية أو تحسين البنية التحتية والخدمات داخل البلاد.
وقد اشارت التقديرات الاقتصادية إلى أن العراقيين ينفقون ما يقارب 6 مليارات دولار سنويًا على السفر خارج البلاد، في ظل واقع داخلي يعاني من تدهور في الخدمات الأساسية وغياب البنية التحتية المناسبة. ويتوزع هذا الإنفاق على أغراض متعددة، أبرزها السياحة، والعلاج، والدراسة، وأحيانًا الهجرة أو اللجوء. هذا الرقم يعكس حجم الفجوة بين تطلعات المواطنين ومستوى الخدمات المتوفرة داخل العراق.
ان أبرز الأسباب التي تدفع العراقيين للسفر تتعلق بضعف الخدمات في الداخل، خصوصًا في قطاعات السياحة والصحة والتعليم، فغياب المرافق الترفيهية الحديثة، وتردي الواقع الصحي، إضافة إلى محدودية الفرص الأكاديمية ذات الجودة، جعلت من السفر خيارًا شبه ضروري للكثيرين، كما أن بعض الدول المجاورة، مثل تركيا وإيران والأردن، باتت تستفيد اقتصاديًا من هذا الإنفاق، ما يعمّق الخسارة على الاقتصاد العراقي.
وان الآثار الاقتصادية لهذا الإنفاق كبيرة، أبرزها استنزاف احتياطي العملة الصعبة من البلاد، وخروج مليارات الدولارات دون أي عائد محلي، في وقت يحتاج فيه العراق إلى استثمارات عاجلة في بنيته التحتية وقطاعاته الحيوية، كما أن غياب الاستفادة من هذه الأموال داخليًا يؤدي إلى تفويت فرص خلق وظائف وتنمية السياحة والصحة والتعليم في العراق نفسه.
إن إنفاق العراقيين نحو 6 مليارات دولار سنويًا على السفر الخارجي يعكس خللاً هيكليًا في البنية الداخلية للدولة العراقية على مستويات متعددة هذا الرقم لا يجب اعتباره مجرد إحصائية اقتصادية، بل جرس إنذار يستدعي تحركًا حكوميًا ومجتمعيًا عاجلًا لتوفير البدائل المحلية، وتحويل هذا الإنفاق إلى قوة دافعة للنمو والتنمية داخل البلاد.
ولمعالجة هذه الظاهرة، لا بد من الاستثمار الجاد في تطوير الخدمات داخل العراق، خصوصًا في السياحة والصحة والتعليم كما ينبغي تفعيل القطاع الخاص، وتحفيز الاستثمار، وتحسين بيئة الأمن والخدمات، بحيث يجد المواطن ما يبحث عنه في الداخل بدلًا من التوجه الدائم للخارج تحويل هذا الإنفاق إلى قوة اقتصادية داخلية ممكن إذا توفرت الإرادة السياسية والرؤية الاستراتيجية.