بغداد – خاص
أصدرت الهيئة العامة للكمارك، بتاريخ 1 حزيران 2025، تعليمات تنفيذية جديدة بشأن آلية تحديد أسعار البضائع المستوردة عبر المنافذ الحدودية، أثارت موجة من الانتقادات في الأوساط الاقتصادية والتجارية، وسط تحذيرات من آثار سلبية محتملة على السوق المحلية والمواطن العراقي.
وبحسب الوثيقة، فإن التعليمات الجديدة تستند إلى توصية مجلس الوزراء رقم 270 لسنة 2024، وتتضمن إلغاء القوائم السابقة الخاصة بتسعير البضائع، والاعتماد على قوائم محدثة يجري إعدادها من قبل الهيئة بالتعاون مع وزارة التجارة والجهات المعنية.
وتنص التعليمات على مقارنة الأسعار المستوردة عبر نظام “الإسكودا” بأسعار سابقة معتمدة خلال عام 2023، واعتماد المعدلات الأعلى لتحديد الرسوم الجمركية. وبالرغم من أن الهدف المعلن هو تقليص عمليات التلاعب والتهرب الضريبي، إلا أن اقتصاديين ومراقبين حذروا من أن القرار قد يؤدي إلى زيادة التكاليف على المستوردين، وهو ما سينعكس لاحقا على ارتفاع أسعار السلع في الأسواق المحلية.
ويرى مختصون أن التعليمات تغلّب الاجتهادات الإدارية على الواقع السوقي، وتعتمد على مقارنات قد لا تكون دقيقة أو معبّرة عن أسعار البضائع الفعلية، خصوصا في ظل اختلاف المنشأ ونوعية السلع، وتغيّر الأسعار العالمية بشكل مستمر.
وتُشير مصادر داخل قطاع التخليص الكمركي إلى أن الأسعار التي يجري احتسابها ضمن النظام الآلي لا تعكس في كثير من الأحيان الواقع الفعلي، مما يدفع بعض التجار إلى التحايل لتفادي الخسائر، أو الامتناع عن الاستيراد.
وفي ظل غياب رقابة فاعلة على الأسواق واحتكار عدد من المنافذ من قبل جهات سياسية نافذة، يخشى مراقبون أن تفرض هذه التعليمات عبئا إضافيا على التجار الملتزمين، في الوقت الذي يستمر فيه البعض الآخر في إدخال البضائع عبر مسارات لا تخضع للتسعير الرسمي أو التفتيش الفعلي.
ويحذر الخبراء من أن القرار قد يفتح الباب أمام ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة الضغط على ذوي الدخل المحدود، خاصة إذا ما تزامن مع ضعف في الرقابة على الأسواق ومنع الاحتكار.
وفي هذا السياق، دعت نقابات وتجمعات مهنية إلى إعادة النظر في آلية تسعير البضائع، والابتعاد عن المعايير الجامدة التي لا تعكس طبيعة السوق العراقية. كما طالبت بضرورة نشر قوائم التسعير بشفافية وتحديثها بشكل دوري، ومراعاة فروقات الكلفة بين الدول المصدّرة، وعدم فرض أسعار تقديرية تعسفية.
وفي وقت يبحث فيه العراق عن حلول اقتصادية للخروج من أزماته المالية، تأتي مثل هذه القرارات لتؤكد أن الإصلاح لا يزال يُدار بعقلية المركز البيروقراطي، لا من خلال تفعيل أدوات السوق العادلة والرقابة الاقتصادية الحقيقية.
ترى هل يصبح قرار التسعير بداية انفجار جديد في الأسعار، أم خطوة باتجاه تنظيم الفوضى الكمركية؟ الأيام وحدها ستكشف وجه الحقيقة.