كتب: المحرر السياسي
أيّها الصيفُ.. هل جئتَ متسلِّلا على رؤوس العطاشى، أم حملتكَ ريحُ العجزِ الرسميّ من بواباتِ السلطةِ إلى بيوتِ الناسِ المحرومين؟!
في عراقِ الحضاراتِ والنهرين، يُسجَّل التاريخُ مرَّةً أخرى تحتَ عنوان: صيفٌ بلا ماءٍ.. بلا كهرباء.. بلا حياة.
الحرارةُ تلسعُ الوجوه، والقلوبُ تغلي كما القدور في بيوتِ الفقراء، فيما “الوطنُ المضيءُ” غارقٌ في ظلامِ المناكفاتِ والتصريحاتِ التي لا تُبرّدُ وجعا، ولا تُضيءُ مصباحا في ليلِ بغداد.
العراقيونَ اليومَ لا يشتكونَ من انقطاعِ التيار، بل من انقطاعِ الأملِ نفسه. الكهرباءُ مفقودةٌ حتى في أوقاتِ الذروة، وما تبقّى منها يُستجدَى كما يُستجدى ماءُ الشربِ على أبوابِ المسؤولين.
أما الماءُ، فباتَ حلما باهتا على خرائطِ الأنهار. وزارةُ المواردِ المائيةِ تُعلنُ صراحةً أن خزينَ العراقِ المائي هو الأسوأُ منذُ ثمانين عاما، وأن البلادَ لا تتسلَّمُ سوى أقلّ من 40% من حصصِها الطبيعية في دجلةَ والفرات.
“لم نحصلْ على خزينٍ منخفضٍ بهذا الشكل من قبل”، يقول المتحدثُ باسمِ الوزارةِ خالد شمال، وكأنهُ يُعلنُ نهايةَ موسمِ الزراعةِ والارتواء.. فلا أمطارَ، ولا ثلوجَ، ولا حتى ضمائرُ تذوبُ كما الثلوجُ في قممِ القرار.
السلطةُ – كما العادة – تُوزِّعُ البياناتِ كأكياسِ الثلجِ فوقَ حريقِ الأجساد، وتُؤجلُ الحلولَ إلى مستقبلٍ مجهولٍ، لا يُشبهُ العراقَ الذي كانَ مهدَ الماءِ والنور، ومضربَ مثلٍ في الخصبِ والعطاء.
أيها الصيفُ، إننا لا نخشاكَ حرارةً، ولكن نخشاكَ فضيحةً تُكشَفُ فيها عورةُ إدارةٍ غارقةٍ في العجز..
فمن يُنقذُ النهرين؟
ومن يُنقذُ شعباً يبيتُ في ليلٍ بلا كهرباء، ويصحو على عطشٍ بلا رجاء؟
#صيف_بلا_كهرباء
#العراق_يعطش
#أزمة_المياه