تقرير:زينة اكرم
وسط شوارع المدن العراقية وأسواقها المزدحمة، تمرّ وجوه صغيرة تحمل في ملامحها قصصًا أثقل من أعمارها أطفال فقدوا الأب أو الأم أو كليهما، ليجدوا أنفسهم فجأة في مواجهة قسوة الحياة، بلا سند ولا معين.
في العراق، لم تكن الحروب والنزاعات مجرد مشاهد عابرة في نشرات الأخبار، بل تركت خلفها جراحًا غائرة في جسد المجتمع، كان أكثرها إيلاماً ازدياد أعداد الأيتام بشكل يفوق التوقعات تشير التقديرات إلى أن عدد الأيتام تجاوز 2.5 مليون طفل، يعيش كثير منهم بلا مأوى أو رعاية حقيقية، يتسكعون في الشوارع بحثاً عن لقمة تسد جوعهم أو يدٍ حانية تمنحهم شعوراً مفقوداً بالأمان.
حسين، طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره، فقد والده في إحدى الهجمات المسلحة يجلس كل صباح عند إشارة المرور، يبيع المناديل الورقية، بينما يراقب أعين المارة علّه يجد بينهم من يشعر بمعاناته يقول حسين بصوت خافت: “أريد أن أرجع للمدرسة… أريد أن أكون طبيباً، لكني الآن أساعد أمي لنعيش”.
وراء كل طفل مثل حسين حكاية مأساوية تتكرر يوميًا في زوايا المدن قصص الفقد والفقر والتشرد تتصدر مشهد الطفولة في العراق، حيث غابت فرص التعليم والرعاية الصحية، ليحل مكانها التسول والعمل في سن مبكرة، وحرمان من أبسط حقوق الطفولة.
ورغم الجهود التي تبذلها بعض المنظمات الإنسانية والجهات الحكومية، إلا أن حجم المأساة يفوق الإمكانات المتوفرة مشاريع الدعم محدودة، والمساعدات لا تصل إلى الجميع، فيما لا يزال كثير من الأيتام يعيشون على هامش الحياة، بلا حماية ولا مستقبل واضح.
قضية الأيتام في العراق ليست مجرد أرقام أو تقارير، بل هي جرح مفتوح في جسد هذا البلد الذي أنهكته الصراعات هؤلاء الأطفال بحاجة إلى التفاتة حقيقية، إلى برامج شاملة ترمم ما تبقى من طفولتهم المسلوبة، وتعيد إليهم حقهم في التعليم، والحياة الكريمة، والأمل بمستقبل أفضل.
وفي نهاية المطاف، تبقى مسؤولية إنقاذ هؤلاء الأيتام مسؤولية جماعية، تبدأ من مؤسسات الدولة ولا تنتهي عند حدود المجتمع، لأن بناء وطن معافى يبدأ من حماية أضعف حلقاته… وهم أطفال فقدوا كل شيء إلا أحلامهم الصغيرة.
#بغداد_الاخبارية#ايتام#العراق#عيد_الفطر