محلية – بغداد الاخبارية
في خطوةٍ غير مدروسة، أُنشئ جسرٌ يربط بين منطقة الباب الشرقي ومنطقة الكرادة على امتداد كورنيش أبو نؤاس، ليُضاف إلى سلسلة من المشاريع التي أثارت جدلا واسعا حول تأثيرها على الهوية البصرية لمدينة بغداد.
هذا الجسر الذي كان من المفترض أن يسهم في تحسين البنية التحتية، بدلا من أن يعزز التواصل بين المدينة ونهرها، أصبح جدارا عازلا يقطع الاتصال البصري بين سكان العاصمة ونهر دجلة، أحد أهم المتنفسات الطبيعية التي لطالما ارتبطت به المدينة على مر العصور.
في الوقت الذي تعكف فيه الدول المتقدمة على بناء مدنٍ عصرية بجوار الأنهار، حيث تجد ناطحات السحاب والفنادق الفاخرة والدوائر الحكومية المُهمة ممتدة بمحاذاة الأنهار، تبقى بغداد، المدينة التي يحيط بها نهر دجلة من جميع الجهات، في حالة من الإهمال والتخطيط غير المدروس. وبينما تُبنى الجسور التي تُعزل بين المواطنين وبين النهر، يُفقد بذلك جزء كبير من هوية بغداد البصرية التي كانت تحتفل بعلاقتها الفريدة مع نهرها.
المنتقدون يرون أن هذا المشروع ما هو إلا مثال آخر على سوء التخطيط العمراني في العاصمة، ويُظهر غياب الرؤية الحقيقية لتطوير المدينة بشكل يتناسب مع مكانتها التاريخية والثقافية. بغداد، التي لطالما كانت مدينة النهر، تُفقد اليوم فرصتها للاستفادة من جمال دجلة وتاريخها العميق، خاصةً في ظل وجود مشاريع لا تراعي مبدأ التكامل بين الإنسان والبيئة.
واعتبره اخرون تعدّيا جديدا على حقِّ المواطنِ في الاستمتاعِ بالمساحاتِ العامةِ، مُطالبينَ الجهاتِ المعنيّةَ بإعادةِ النظرِ في التصميمِ، بما يضمنُ الحفاظَ على الطابعِ الجماليِّ للكورنيشِ، وعدمَ تحويلِهِ إلى حاجزٍ إسمنتيٍّ يُضيفُ مزيدا من القبحِ العمرانيِّ في قلبِ العاصمةِ.
وإذ تواصل العاصمة معاناتها من سياسات غير مدروسة، يظل التساؤل قائما: كيف يمكن لمدينة مثل بغداد أن تعيد اكتشاف هويتها البصرية وتستفيد من إمكانيات نهرها العظيم إذا استمر هذا التوجه بتجاهل القيم المعمارية والبيئية التي تُعتبر من الأسس الأساسية لبناء المدن العصرية؟