خاص - بغداد الإخبارية
مرّ عامان منذ أن تولى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مهامه، وسط وعود كبيرة بإصلاحات شاملة تشمل القضاء على الفساد، وتحسين الوضع الاقتصادي، وتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى الارتقاء بالخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والماء والصحة والتعليم. مع ذلك، تشير آراء العديد من المحللين والمتخصصين والمهتمين إلى إخفاق الحكومة في تحقيق الكثير من هذه الوعود، وسط تساؤلات حول فعالية السياسات المعتمدة ومدى التزام الحكومة بتحقيق تطلعات الشعب.
وتقول الدكتورة زينب الشمري، أستاذة العلوم السياسية بجامعة بغداد، إن الحكومة قدمت برنامجاً طموحاً، لكنه “اتسم بالتعقيد والغموض” دون وضع آلية تنفيذية واضحة. وتضيف: “الحكومة الحالية لم تضع إطاراً زمنياً واقعياً لتنفيذ وعودها، وافتقرت إلى الكوادر الكفؤة التي يمكنها إدارة ملفات حساسة ومعقدة، ما أدى إلى تراجع أداء الحكومة وفشلها في تحقيق الأهداف التي وضعتها”.
اما الدكتور علي التميمي، الباحث الاقتصادي، يرى أن المشكلة الأكبر تكمن في الوعود الاقتصادية. ويؤكد أن “الاقتصاد العراقي لا يزال يعاني من التبعية النفطية وغياب التخطيط الصناعي والزراعي”، مشيراً إلى أن الحكومة لم تنجح في تقديم بدائل اقتصادية حقيقية رغم الحديث المتكرر عن إصلاح الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل. وأضاف: “البطالة في تزايد مستمر، والقطاع الخاص يعاني من التهميش، ما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي”.
أما العقيد المتقاعد فاضل جاسم، المختص في الشؤون الأمنية، فيرى أن التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة الحالية تشكل عائقاً كبيراً أمام تنفيذ أي إصلاحات حقيقية. ويقول: “ما زالت قوى الأمن العراقية تواجه تهديدات داخلية وخارجية، كما أن ضعف الأجهزة الأمنية وفقدان السيطرة في بعض المناطق يجعل من الصعب تنفيذ سياسات تنموية مستقرة”.
ويضيف قائلاً: “إلى جانب التحديات الأمنية، يبقى الفساد أحد أبرز العوائق أمام تحقيق وعود الحكومة، حيث تُهدر موارد الدولة على مشاريع وهمية أو مشاريع لا يتم تنفيذها بالكامل، ما يترك المواطن العراقي في حالة إحباط وعدم ثقة بالدولة”.
في هذا السياق، يُشير الخبير القانوني قاسم العاني إلى أن “مكافحة الفساد يجب أن تبدأ من أعلى الهرم الحكومي وتطال جميع مؤسسات الدولة. لكن الحكومة الحالية لم تتخذ إجراءات جادة وفعّالة في هذا الاتجاه، مما جعل الفساد متجذراً وصعب الاجتثاث”.
من جانبه، يعبّر المواطن كاظم الحيدري، أحد سكان بغداد، عن استيائه من أداء الحكومة، قائلاً: “لم يتغير شيء في حياتنا اليومية. ما زلنا نعاني من تردي الخدمات الأساسية ونقص فرص العمل. هناك شعور متزايد بين العراقيين بأن الحكومات المتعاقبة لا تهتم سوى بمصالحها، وأن الشعب هو الخاسر الأكبر”.
وتضيف سارة الكناني، ناشطة في حقوق الإنسان، أن “هناك نقصاً في الشفافية والمحاسبة داخل الحكومة. الإصلاحات تبقى مجرد وعود دون تطبيق فعلي على الأرض، ولا يبدو أن هناك نية حقيقية من قبل الحكومة لتغيير هذا الواقع”.
في المقابل، يرى بعض المراقبين أن الحكومة حققت نجاحات محدودة في بعض الملفات، لكنها لم ترقَ إلى مستوى التوقعات. يقول المحلل السياسي حيدر الساعدي: “لا يمكن إنكار أن هناك تحسناً طفيفاً في بعض القطاعات مثل إعادة بناء بعض البنى التحتية، ولكن هذا لا يكفي لتهدئة غضب الشعب المتزايد”.
ويرى الساعدي أن التحديات التي تواجه الحكومة أكبر من قدراتها الحالية، حيث تتطلب إصلاحات عميقة وتغييراً جذرياً في أسلوب الإدارة، وهذا يتطلب دعماً دولياً وإقليمياً بالإضافة إلى رغبة حقيقية من الحكومة في إجراء التغييرات المطلوبة.
ومع انتهاء العامين من عمر حكومة السوداني، يبدو أن العراق لا يزال بعيداً عن تحقيق تطلعات شعبه، حيث يواجه تحديات أمنية واقتصادية واجتماعية وسياسية معقدة. يظل التغيير الحقيقي بعيد المنال ما لم تتخذ الحكومة إجراءات حازمة وفعّالة لمعالجة الفساد، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة لتنفيذ المشاريع التنموية، وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
#حكومة_السوداني #العراق_إصلاحات #الفساد_في_العراق #الأمن_والتنمية #العراق