رغم الثروات الطبيعية الهائلة التي يمتلكها العراق، ورغم الموازنات الانفجارية التي أقرت خلال العقدين الماضيين، ما تزال البطالة واحدة من أعقد الأزمات التي تثقل كاهل المجتمع، وتحوّل أحلام مئات الآلاف من الشباب إلى انتظار طويل على أبواب الوظائف الحكومية أو الهجرة إلى الخارج.
تشير تقارير وزارة التخطيط ومنظمات دولية إلى أن معدلات البطالة في العراق تراوحت بين أربعة عشر إلى ستة عشر في المئة خلال السنوات الأخيرة، في حين ترتفع النسبة بين فئة الشباب لتصل إلى قرابة ثلاثين في المئة، وهي أرقام تعكس حجم الفجوة بين سوق العمل والطاقات البشرية المتدفقة سنوياً من الجامعات والمعاهد.
ويعزو الخبراء تفاقم الأزمة إلى تراكم أسباب عديدة، من أبرزها اعتماد الاقتصاد بشكل مفرط على النفط وإهمال القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة، فضلاً عن ضعف الاستثمارات المحلية والأجنبية القادرة على خلق فرص عمل، إضافة إلى البيروقراطية وتعقيدات القوانين التي تعيق نمو القطاع الخاص، فضلاً عن ثقافة اجتماعية ترى في الوظيفة الحكومية الملاذ الأكثر أماناً.
أمام هذا الواقع، تبدو البطالة أشبه بجرح يتسع كل عام من دون أن تجد خطط الحكومات المتعاقبة علاجات ناجعة له، فبينما يزداد الشباب تعليماً ووعياً، يبقى الاقتصاد عاجزاً عن استيعاب طموحاتهم، وهو ما يفتح الباب واسعاً أمام الإحباط واليأس، وربما الانجراف نحو طرق أكثر خطورة.