يُعد العراق من أكثر الدول اعتمادًا على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات العامة، إذ تمثل عائداته ما يزيد عن 90% من الموازنة. هذا الاعتماد الكبير جعل الاقتصاد هشًّا ومعرّضًا للتقلبات في أسعار الخام العالمية، مما يطرح تساؤلاً جديًا: هل يستطيع العراق تنويع اقتصاده والانتقال إلى نموذج أكثر استدامة؟
تاريخيًا، شكّل النفط ركيزة أساسية لاقتصاد العراق منذ منتصف القرن العشرين. ومع تزايد الإنتاج وتضخم الإيرادات، تراجعت أهمية القطاعات الأخرى مثل الزراعة والصناعة، التي كانت في يوم من الأيام تشكل دعامة للاقتصاد الوطني. الاعتماد المفرط على النفط أدى إلى إهمال هذه القطاعات، فضعفت البنية الإنتاجية وتقلصت فرص العمل خارج إطار الوظائف الحكومية.
التحدي الأبرز الذي يواجه العراق اليوم هو تقلب أسعار النفط في الأسواق العالمية، والتي يمكن أن تهدد الاستقرار المالي في أي لحظة. ومع كل أزمة انخفاض أسعار، تظهر مشكلة العجز المالي وتزداد الضغوط على الحكومة لتوفير الرواتب والخدمات. هذه الدائرة المفرغة تجعل البلاد رهينة لظروف خارجية لا يملك السيطرة عليها.
تنويع الاقتصاد لا يعني التخلي عن النفط، بل الاستفادة من عوائده لتقوية قطاعات أخرى. الزراعة تمثل قطاعًا واعدًا إذا ما تم الاستثمار فيه بجدية، خاصة أن العراق يمتلك أراضي خصبة ومصادر مياه وإن كانت تواجه تحديات بفعل السدود الإقليمية وتغير المناخ. كما أن الصناعة التحويلية يمكن أن توفر فرصًا للعمل وتقلل من الاعتماد على الاستيراد الذي يستهلك مليارات الدولارات سنويًا.
هناك أيضًا فرص في قطاع الطاقة المتجددة، إذ يمكن للعراق أن يستثمر في الطاقة الشمسية والرياح لتقليل الضغط على منظومة الكهرباء. إضافة إلى ذلك، بإمكان قطاع السياحة، الدينية والثقافية، أن يكون رافدًا مهمًا للدخل القومي إذا ما توفرت البنية التحتية والأمن المستدام.