مع اقتراب موعد الانتخابات، يشتد التنافس بين القوى السياسية في العراق، حيث تسعى الأحزاب الكبيرة إلى الحفاظ على هيمنتها المعتادة على المشهد البرلماني، فيما تحاول الأحزاب الصغيرة شق طريقها وسط خارطة سياسية معقدة يطغى عليها المال والنفوذ.
القوى الكبيرة تمتلك أدوات واضحة لترجيح كفتها، تبدأ من إمكانيات مالية هائلة وحملات إعلامية منظمة، مروراً بشبكات نفوذ راسخة في مؤسسات الدولة، وصولاً إلى قاعدة جماهيرية تقليدية صلبة. وبفضل هذه المقومات، تدخل هذه القوى السباق الانتخابي من موقع مريح، مع ثقة شبه مؤكدة بحصد عدد وافر من المقاعد.
في المقابل، تعاني الأحزاب الصغيرة من ضعف الإمكانيات المالية وقلة الدعم الإعلامي، فضلاً عن غياب نفوذ مؤسسي يساندها، ما يجعل قدرتها على المنافسة الحقيقية محدودة. ومع ذلك، تراهن هذه القوى الناشئة على أصوات الشباب والشرائح الشعبية الناقمة على الأداء السياسي للأحزاب الكبيرة، وعلى خطاب إصلاحي يرفع شعارات التغيير ومكافحة الفساد.
ويرى مراقبون أن التنافس لن يكون متكافئاً، فالقوى الكبرى تسعى إلى إعادة إنتاج سلطتها السياسية، بينما تصارع الأحزاب الصغيرة لتأمين حضور ولو محدود داخل البرلمان، يتيح لها التأثير في بعض القرارات أو تكوين كتل ضاغطة. ومع ذلك، فإن المزاج الشعبي المتقلب قد يمنح القوى الصغيرة مفاجآت غير متوقعة، خصوصاً في حال نجحت في استثمار الإحباط الشعبي تجاه الطبقة السياسية التقليدية.
التجربة الانتخابية المقبلة ستكشف ما إذا كان العراق يسير نحو إعادة تدوير الوجوه ذاتها عبر هيمنة القوى الكبيرة، أم أن الباب سيُفتح أمام قوى أصغر لإحداث توازن جديد، ولو جزئي، في معادلة الحكم والسياسة.