عادت التهديدات الإسرائيلية تجاه إيران إلى الواجهة في سياق تصاعد التوترات الإقليمية والتنافس العسكري المتسارع. ترافقت هذه التهديدات مع تحركات عسكرية مباشرة شملت غارات جوية مركزة على منشآت نووية ومواقع عسكرية إيرانية، فيما بدا أنه تغيير جذري في قواعد الاشتباك، من التلويح السياسي إلى العمل العسكري المكشوف.
تركزت الضربات على منشآت ذات طابع استراتيجي، استهدفت البنية التحتية لبرنامج إيران النووي، ومراكز تصنيع وتخزين الصواريخ، إضافة إلى مواقع يعتقد أنها تأوي شخصيات قيادية من الحرس الثوري. ورغم قدرة الدفاعات الإيرانية على التصدي لبعض الهجمات، إلا أن حجم الدمار البشري والمادي الذي خلفته الغارات كان كبيراً، ما أثار تساؤلات عن مدى نجاعة الرد الإيراني وقدرته على الاحتواء والردع.
الرد الإيراني جاء بصيغ متعددة، من إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة، إلى تحذيرات دبلوماسية وتصريحات نارية، إلا أن الطابع الميداني للمواجهة أظهر محدودية الخيارات أمام طهران في ظل تفوق إسرائيلي مدعوم بتقنيات متطورة ودعم غربي واضح. في المقابل، لجأت إيران إلى تكثيف إجراءاتها الأمنية داخلياً، شنت حملات اعتقال واسعة، واتخذت إجراءات قمعية ضد المعارضين بذريعة الحفاظ على الجبهة الداخلية.
الواقع الجديد في المنطقة بات محكوماً بمعادلة ردع متبدلة، إذ تسعى إسرائيل إلى كسر شوكة إيران النووية نهائياً، بينما تحاول إيران امتصاص الضربة واستعادة توازنها دون الانجرار إلى حرب شاملة قد تكون مدمّرة. أما على المستوى السياسي، فقد أظهرت الأحداث أن الهجوم الإسرائيلي لم يكن مفاجئاً فحسب، بل جاء نتيجة حسابات استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى إعادة رسم قواعد النفوذ الإقليمي، وإعادة تموضع الحلفاء والخصوم على حد سواء.
التطورات تشير إلى أن التهديدات لن تبقى في إطارها العسكري فقط، بل ستنعكس على المشهد السياسي الداخلي لكلا الطرفين، حيث يراهن كل طرف على كسب الرأي العام المحلي والدولي، في ظل مشهد إقليمي بات أكثر توتراً وأقل استقراراً.