تستمر أزمة تأخر صرف رواتب مقاتلي هيئة الحشد الشعبي، ما أثار موجة استياء واسعة في الأوساط الشعبية والسياسية، وسط تساؤلات عن الأسباب الحقيقية وراء هذا التأخير المزمن، رغم تأكيد الحكومة مراراً أن التخصيصات المالية مؤمنة بالكامل ضمن بنود موازنة العام الحالي.
ورغم مضي أكثر من شهرين على آخر صرف رسمي للرواتب، إلا أن الآلاف من المقاتلين ما زالوا ينتظرون مستحقاتهم عن شهري أيار وحزيران، في ظل ظروف معيشية صعبة يعانيها كثير من أبناء الحشد، الذين يشكلون عصباً أمنياً مهماً في البلاد.
العديد من النواب، خصوصاً من تحالف الفتح، حمّلوا وزارة المالية مسؤولية التأخير، مؤكدين أن الأموال مخصصة ولا توجد أي مبررات واقعية لحرمان المقاتلين من حقوقهم، في حين تشير تسريبات حكومية إلى وجود مشاكل فنية أو إدارية في آليات صرف الرواتب عبر النظام الإلكتروني والتنسيق بين هيئة الحشد والجهات المالية.
النائب معين الكاظمي دعا إلى اعتماد آلية الدفع النقدي المباشر لتجاوز الإرباكات المصرفية المتكررة، فيما عبّر ناشطون ومدنيون عن تضامنهم مع مقاتلي الحشد، مؤكدين أن تكرار التأخير يحمل طابعاً سياسياً أو تمييزياً مقارنةً بسرعة صرف رواتب الأجهزة الأمنية الأخرى.
ويحذّر مراقبون من تداعيات هذا الملف على الاستقرار الداخلي والروحي للمقاتلين، خاصة في ظل تصاعد التحديات الأمنية في بعض المناطق، مشددين على ضرورة إنهاء هذه الإشكالية بشكل جذري عبر إصلاحات في البنية المالية والإدارية لهيئة الحشد وآليات التنسيق مع وزارة المالية.
تبقى أزمة رواتب الحشد الشعبي اختباراً حقيقياً لجدية الحكومة في التعامل مع مؤسسة قاتلت وقدّمت التضحيات، ويتحول الصمت أو التأخير في حلّ هذا الملف إلى عامل إحباط خطير قد يؤثر على الأداء العام ويزعزع الثقة بالوعود الرسمية.