كتب: المحرر السياسي
“إنه الحسين… فمن أراد تلمس الطريق فليعلم أن شمسه لا تُحجب بسُحب التأويل، ولا تُطفأ بأنفاس الجدل.”
في زمن تُبدل فيه المعاني، وتُحاك الروايات على مقاس الأهواء، يخرج علينا من بغداد صوتٌ يبارك بالعام الهجري الجديد، لكنّ المشهد لم يكن ككل مشهد، والزمان لم يكن كأي زمان… إنه محرم، شهر الحزن والمصاب، وشهر العبرات قبل العبارات.
الشيخ عداي الغريري، ظهر في تسجيل مصور وهو ينثر – “الجكليت” – داخل أحد المساجد، في مشهد أثار موجة استغراب وتساؤلات حادة، إذ تساءل كثيرون: “متى كان يُحتفل برأس السنة الهجرية بإطلاق الجكليت؟ ومتى صارت ذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وآله سببا لتجاوز الحزن الحسيني المتجذر في وجدان الأمة؟”
وبعد تفجر الامر، سارع الغريري إلى التوضيح… قائلا: إنها ليست فرحة بمصاب، بل احتفاء بحدث الهجرة، وأن الحسين – عليه السلام – في قلب عقيدته، وأن لعنة الله – كما قال – على من قتل الإمام أو فرح بقتله. وأضاف أن الجكليت لم يوزع في العاشر من محرم، بل في أول يوم من السنة الهجرية، وأن رئيس الوزراء السوداني قدّم التهاني بهذه المناسبة.
غير أن السؤال يبقى: هل يُعقل أن تُختصر قداسة الزمان في “جكليتة”، وتُختزل حرارة المصاب بنثر الحلوى؟ وهل نسي البعض أن أول محرم، ليس بداية سنة فحسب، بل هو بداية حكاية الحسين مع عاشوراء؟
إنها محاولات لتزييف الوعي، وصرف الأنظار عن الحقيقة الناصعة… الحسين ليس ذكرى عابرة، بل نور لا يُطفأ، ونهج لا يُجامل، وصرخة في وجه كل من أراد تشويش البوصلة.
في عاشوراء، لا تنفع التبريرات، ولا تُغني الأقوال عن الحزن الذي أورثته كربلاء في ضمير الأحرار… فكلما أرادوا طمس الجرح، عاد لينزف وعيا، ويصرخ: “إنه الحسين!”