مع اقتراب شهر محرم الحرام، تحولت شوارع وأزقة المدن العراقية إلى مشهدٍ يختلط فيه الحزن بالعزيمة، والفقد بالولاء ،
البيوت ترفع رايات السواد، وتُعلّق صور الإمام الحسين (ع) وأهل بيته، في طقسٍ سنوي يعكس ارتباطاً عميقاً بجذور الطف وأوجاع كربلاء.
من البصرة إلى بغداد، ومن كربلاء إلى سامراء والناصرية، تناثرت مواكب العزاء والسرادق الحسينية، وبدأت مكبّرات الصوت تبثّ أهازيج الولاء وقصائد الرثاء التي تُلهب المشاعر وتوقظ الذاكرة الحسينية من جديد.
في النجف، تسابق الأهالي لإعداد مجالسهم، ونسجوا أعلاماً سوداء كُتب عليها "يا حسين" و"لبيك يا شهيد"، بينما الصغار والكبار يتهيؤون للمشاركة في خدمة الزوار وإحياء الليالي الأولى من شهر الحزن.
هي ليست مجرد مراسم، بل طقوس عشقٍ ممتدة منذ قرون، يجدد بها العراقيون عهدهم مع الإمام الحسين (ع)، بأن يبقى صوته المظلوم حاضراً في وجدانهم، وأن تظلّ كربلاء شعلة لا تنطفئ في قلوبهم مهما اشتدت العتمة.