تقرير: علي محمد باني
في العراق، أصبحت الصيدليات الأهلية تؤدي أدوارًا تتجاوز وظيفتها التقليدية كجهات بيع للأدوية الموصوفة إذ باتت في كثير من الأحيان مراكز “تشخيص” بديلة مضحية بالحالة الصحية للبشر ، يرتادها المواطن بحثًا عن العلاج الفوري في الوقت الذي بحاجة اليه ، وكل هذا يجري في ظل واقع صحي يعاني من ضعف البنى التحتية، الزحام، قلة الأطباء، وتكاليف المستشفيات الخاصة.
لكن هذا التحول غير المعلن ينطوي على مخاطر صحية وقانونية كبيرة، تُهمَل في الخطاب العام والرقابة المؤسسية ، على سبيل المثال يدخل المريض إلى الصيدلية بلا وصفة، يشرح الأعراض للصيدلي حسب تحليله وفهمه.يقوم الصيدلي بإعطاء تشخيص سريع ودواء مباشر، غالبًا من دون إجراء فحوصات أو تحليل حتى في بعض المناطق الريفية، تُستخدم الصيدلية كـ “نقطة طبية” شبه رسمية، لغياب أي مركز صحي وهذا ما يهدد الواقع الصحي في العراق
هذا الاستخدام الخاطئ للصيدليات بوصفها أماكن للتشخيص، يخلق سلسلة من المخاطر عواقبها كثيرة مثال على ذلك إعطاء مسكنات أو أدوية مؤقتة قد يخفي علامات أمراض أخطر ومزمنة.
على المدى البعيد ، قد تؤدي العشوائية في اخذ العلاجات الى مشاكل مستقبلية تنتقل عبر الاطفال ، او مشاكل صحية اخرى
موقف القانون العراقي
القانون العراقي يُلزم الصيدليات بعدم التشخيص الطبي أو صرف الأدوية بدون وصفة طبية لكونها وهذا مايجب فعله لكونها مسؤولية كبيرة لكن ضعف الرقابة الميدانية وغياب التبليغ عن التجاوزات والتغطي عنها والتعامل معها كأنها ظاهرة طبيعية يسمح لهذه الممارسات بالانتشار رغم خطورتها ، حيث ان النقابات الصيدلانية تُصدر تعليمات، لكنها نادرًا ما تُطبق وفق آلية رقابية واضحة وبشكل جدي
من الحلول الممكنة للحد من هذه المشكلات
تفعيل الرقابة الصحية: حملات تفتيش دورية ومحاسبة المخالفين.
فتح قنوات للاستشارة الصحية المجانية: على مستوى المراكز الصحية لتقليل الضغط على الصيدليات وفهم المشاكل الصحية للمجتمع ومحاولة حلها بطريقة وجيهة ومسؤولة
دور نقابة الصيادلة: توجيه ومحاسبة واضحة، وتعريف بدور الصيدلي المهني الحقيقي.
رقمنة وصفات الأطباء: لمنع صرف أدوية عشوائية
ما يجري في الصيدليات الأهلية اليوم ليس مجرد تجاوز فردي، بل مؤشر على خلل أعمق في النظام الصحي العراقي. غياب الرقابة وتراجع ثقة الناس بالمؤسسات الطبية دفع الكثيرين إلى البحث عن حلول سريعة، ولو على حساب سلامتهم. إصلاح هذا الواقع يبدأ بتحديد الأدوار بوضوح، وتفعيل الرقابة، وإطلاق حملات توعية تضع صحة المواطن في المقام الأول.