كتب : د. مصطفى محمدجواد
مع استمرار التغييرات في النظام الانتخابي العراقي، يُعد قانون الانتخابات الجديد رقم (4) لسنة 2023 من أبرز القوانين المثيرة للجدل، خصوصًا فيما يتعلق بشروط الترشح لعضوية مجلس النواب. تتجلى أهمية هذا القانون في كونه يرسم الإطار القانوني للتمثيل السياسي، ويحدد أسسًا قد تُسهم إما في تعزيز الثقة بالعملية الانتخابية أو في إضعافها.
المادة (7) من القانون: شروط الترشح بين النصوص والتطبيق
حددت المادة (7) عدة شروط للترشح، من أبرزها:
أن يكون المرشح عراقي الجنسية، مكتمل الأهلية القانونية، وألا يقل عمره عن 30 سنة يوم الاقتراع.
حيازة شهادة البكالوريوس أو ما يعادلها، مع استثناء المكونات المشمولة بالكوتا حيث يُكتفى بشهادة الإعدادية.
يُسمح لـ 20% من مرشحي القائمة بأن يكونوا من حملة شهادة الدبلوم أو الإعدادية.
ألّا يكون المرشح قد أُدين بجناية أو جنحة مخلة بالشرف أو قضايا فساد.
ألّا يكون منتسبًا للمؤسسات العسكرية أو الأمنية (باستثناء المدنيين).
تقديم تزكية شعبية موقعة من 500 ناخب مسجل في الدائرة الانتخابية نفسها.
ورغم أن هذه الشروط تبدو متوازنة ظاهريًا، إلا أن الجوانب العملية وتفسيرات بعض النصوص تُثير العديد من الإشكاليات القانونية.
ثغرات قانونية وملاحظات نقدية
البطاقة البايومترية:
يُشترط على الناخب امتلاك بطاقة بايومترية، بينما يُعفى المرشح من ذلك، ما يطرح تساؤلات حول معايير المساواة ونزاهة المنافسة الانتخابية.
تمثيل ذوي الشهادات الدنيا:
السماح بترشح نسبة من غير حملة البكالوريوس دون وضع سقف لفوزهم قد يؤدي إلى ضعف المستوى الأكاديمي للبرلمان، وهو خلل لم يُعالج بنص قانوني واضح.
شرط الإقامة:
فرض القانون شرط الإقامة لعشر سنوات على مرشحي مجالس المحافظات دون آلية واضحة للتحقق من النية الحقيقية للإقامة، ولم يُطبق ذات الشرط على مرشحي مجلس النواب، مما قد يُفسح المجال أمام ترشيحات قائمة على دوافع سياسية.
تناقض تشريعي مع قانون الأحزاب:
في الوقت الذي يُجيز فيه قانون الأحزاب تأسيس حزب لمن بلغ 25 عامًا، يمنعه قانون الانتخابات من الترشح للبرلمان قبل سن الثلاثين، ما يُظهر خللاً في الاتساق التشريعي.
غياب الحسم في مصادقة الترشيحات:
تنص المادة (8) على إحالة أسماء المرشحين لعدة جهات خلال 15 يومًا، لكن دون توضيح موقف القانون في حال عدم الرد خلال هذه المدة، أو مدى قطعية قرار المفوضية، وهو ما يفتح بابًا للغموض القانوني.
قابلية التأويل السياسي:
غياب الدقة في صياغة بعض النصوص القانونية يفتح المجال أمام تفسيرات متباينة، غالبًا ما تصبّ في مصلحة القوى السياسية المهيمنة، ما يُقلل من فرص الأحزاب الناشئة والمستقلين ويُعيد إنتاج المشهد السياسي ذاته.
أزمة ثقة ومشاركة انتخابية متدنية
تُسهم هذه الإشكالات القانونية في تعميق أزمة الثقة بين المواطن والمنظومة السياسية، وهو ما انعكس في نسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات الأخيرة، التي تجاوزت 73% من العازفين عن التصويت. إن استمرار هذه الفجوة دون إصلاحات شاملة على الصعيدين القانوني والإداري يُهدد مستقبل العملية الديمقراطية في العراق.
إصلاح قانون الانتخابات لم يعد خيارًا بل ضرورة وطنية. يجب تعديل النصوص بما يضمن وضوحها وعدالتها، ويحدّ من التفسيرات السياسية، تحقيقًا لتكافؤ الفرص وشفافية التنافس. إن بناء منظومة انتخابية عادلة يتطلب تعاونًا حقيقيًا بين مختلف القوى السياسية والمجتمعية، بما يُعيد ثقة المواطن ويُرسخ أسس ديمقراطية فاعلة في العراق.
للمزيد:
🔗 الموقع الإلكتروني: www.baghdad-agency.com
تابعونا على مواقعنا الرسمية 👇👇
bio.link/baghdad_news