تقرير:لمى حميد فرحان
تشهد محافظة البصرة، جنوب العراق، تصاعداً ملحوظاً في حملات "تفليش" المنازل التي تصنفها السلطات على أنها تجاوزات على أملاك الدولة أو أراضٍ غير مخططة ورغم أن هذه الإجراءات تأتي ضمن مساعي الحكومة لتنظيم المدن وفرض سلطة القانون، إلا أن تداعياتها الاجتماعية والإنسانية تطرح الكثير من علامات الاستفهام.
عائلات في العراء
في أحياء مثل المعقل، حي الحسين، وأجزاء من منطقة البراضعية، شوهدت جرافات الدوائر البلدية وهي تزيل منازل مأهولة بالسكان، وسط صرخات الأمهات وبكاء الأطفال. يقول أحد سكان الحي المتضررين:
"أنا أب لأربعة أطفال، بنينا هذا البيت قبل ثماني سنوات لأنه ما عدنا بديل، واليوم نشرد بالشارع بدون تعويض ولا بديل سكني."
معاناة تتكرر بصمت
عمليات التفليش لا تستهدف منازل فارهة أو متجاوزين لأغراض استثمارية، بل تطال بالدرجة الأولى الأسر الفقيرة التي اضطرت إلى البناء على أطراف المدن بحثاً عن مأوى، بعد أن عجزت عن مجاراة أسعار الإيجارات أو شراء الأراضي داخل المدينة.
يؤكد نشطاء حقوق الإنسان أن تطبيق القانون لا ينبغي أن يكون على حساب الفقراء، مطالبين بتأجيل حملات الإزالة لحين توفير بدائل سكنية أو حلول قانونية عادلة.
القانون مقابل الواقع
من جانبها، تؤكد الجهات الرسمية أن حملات التفليش تنفذ وفق أوامر قانونية، وتشمل فقط التجاوزات الحديثة أو الخطيرة من الناحية التخطيطية. لكنها لم تنفِ أن هناك حاجة إلى خطط إسكان بديلة تراعي الواقع الاجتماعي للمواطنين.
دعوات للحلول الإنسانية
مع تزايد الانتقادات، تتعالى أصوات تطالب بإيقاف هذه الحملات مؤقتاً، والتحرك نحو حلول أكثر إنصافاً، من بينها:
إطلاق مشاريع إسكان اجتماعي للفئات المتضررة.
تسوية قانونية للتجاوزات القديمة مقابل رسوم رمزية.
إشراك منظمات المجتمع المدني في إيجاد مخرجات تراعي حق السكن وكرامة الإنسان.
بين مطرقة القانون وسندان الفقر، يقف الآلاف من أبناء البصرة اليوم مهددين بالتشريد. وتبقى الأزمة شاهداً صامتاً على غياب الرؤية السكنية الواضحة في بلد يمتلك من الموارد ما يكفي لبناء مدن جديدة لا هدم بيوت قديمة.