خاص — بغداد الاخبارية
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية العراقية المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، تشهد الساحة السياسية حراكًا غير مسبوق تتخلله توترات حادة وصراع محموم بين القوى التقليدية والتيارات الناشئة ، وتتسارع وتيرة هذا الصراع في الكواليس السياسية وفي ساحات الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ما يعكس عمق الانقسامات داخل الطبقة السياسية.
وتشير مصادر مطلعة إلى تصاعد الهجمات الإعلامية المتبادلة بين مختلف الأطراف السياسية، لا سيما بين الكتل الكبرى داخل الإطار التنسيقي وبين القوى المدنية الناشئة التي تسعى لكسر احتكار السلطة ،ويستخدم في هذه الحملات ما بات يعرف بـ"الجيوش الإلكترونية"، التي تعمل على تشويه صورة الخصوم ونشر الشائعات والتسريبات المفبركة عبر منصات التواصل.
وتظهر التقارير أن هذه الحملات ليست عشوائية، بل جزء من استراتيجية مدروسة تهدف إلى إرباك الخصوم وإضعاف فرصهم الانتخابية، خصوصًا تلك التي تستهدف القوى المنبثقة عن احتجاجات تشرين 2019، والتي تمثل تهديدًا محتملاً لهيمنة الأحزاب التقليدية.
في موازاة الحرب الإعلامية، تدور معركة لا تقل ضراوة داخل البرلمان حول تعديل قانون الانتخابات حيث يسعى ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، إلى فرض صيغة انتخابية تعزز من نفوذ الكتل الكبرى عبر اعتماد نظام الدائرة الواحدة، في حين تتحفظ قوى مثل تحالف الفتح على هذا التوجه، خوفًا من خسارة قواعدها في بعض المحافظات ، ويكشف هذا الصراع عن تناقضات داخل الإطار التنسيقي ذاته، وسط مساعٍ من كل طرف لضمان أكبر قدر ممكن من المكاسب في الانتخابات المرتقبة.
وبالعودة إلى الأرشيف السياسي، تشير تقارير مثل تلك الصادرة عن مركز "تريندز للأبحاث" إلى أن هذه التكتيكات ليست جديدة على المشهد العراقي ، فقد شهدت الانتخابات السابقة استخدام المال السياسي، وشراء الأصوات، بل وحتى التهديد والاغتيالات السياسية لتصفية الخصوم.
ويحذر مراقبون من أن تصاعد "حرب الكواليس" قد يُفضي إلى تفكك اجتماعي أكبر ويُضعف ثقة الشارع العراقي بالعملية الانتخابية، خاصة في ظل عدم معالجة مطالب المحتجين التي رفعتها تظاهرات 2019 ، ويبدو أن معركة 2025 لن تكون فقط حول المقاعد البرلمانية، بل حول شكل النظام السياسي ومستقبل الدولة العراقية برمتها.
في ظل هذا المشهد المعقد، يبدو أن العراق مقبل على انتخابات لن تكون تقليدية، بل مفصلية في إعادة رسم خارطة القوى السياسية ، وبينما تستعر المعارك في الخفاء، يبقى السؤال الأهم ( هل ستنجح القوى الجديدة في كسر الطوق التقليدي؟ أم أن الانتخابات ستعيد إنتاج الوجوه ذاته ؟ .