من هناك، من ممرات الموازنة المحفوفة بالضباب، من دهاليز الأمانات المحجوزة، يتصاعد دخان السؤال الكبير: أين ذهبت أموال الضرائب؟ ومن يحكم قبضته على عروق السيولة؟
في عراقٍ تُقتطع فيه الرواتب من ودائع “الأمانات الضريبية”، ويُختزل فيه الاستثمار بتصريحاتٍ واهنة، تطلّ علينا العلاقة بين ما تبقى من هيبة الدولة، وفضيحة الأمس القريب… نور زهير تعود إلى الواجهة، ليس بالاسم فقط، بل بالنهج والطريقة والمسار.
فالحكومة، التي فتحت خزائن “الأمانات” المودعة، لتسد بها عجز الرواتب، إنما تكشف، مرة أخرى، أن بوصلتها ما زالت تدور حول النفط، دون أن تهتدي إلى بدائل تحفظ للدولة كرامتها الاقتصادية، ولا لهيبتها السيادية.
وفي صمت الأمانات، تتحدث لغة المال عن نفسها: سوء إدارة، استنزاف استثماري، وتكرارٌ مأساوي لنهج الاعتماد على “ريعٍ مهدد” لا ضمان لاستمراره.
أما اللجنة المالية النيابية، فتكشف عن موعد مساءلة، لا يخلو من الشكوك: من استفاد من هذه الأمانات؟ وهل نحن أمام “سرقة ثانية” لكن بطريقة مشروعة؟
الأنظار تتجه إلى هيئة الضرائب، إلى البنك المركزي، إلى وزارة المالية، وربما إلى… الأمانات التي “سرقها” الفقر الإداري، قبل أن تمتد إليها يد الفساد.
في العراق، لا تنتهي القصص، بل تعود في كل مرة بثوب جديد… والشارع، كما دائماً، ينتظر الحقيقة التي لا تأتي.