كتب: ليث الربيعي
يُعد مجلس النواب في دورته الخامسة من أكثر الدورات البرلمانية إثارةً للجدل، حيث واجه انتقادات واسعة بسبب أدائه المتواضع في مجالات التشريع والرقابة، فضلا عن ضعف التمثيل الشعبي لأعضائه. تُعزى هذه الإشكاليات بشكل كبير إلى قانون الانتخابات المعتمد، الذي ساهم في تجزئة الدوائر الانتخابية ومنح مقاعد برلمانية لشخصيات لم تحظَ بتمثيل شعبي واسع.
أُقر قانون الدوائر المتعددة بهدف تعزيز التمثيل المحلي وتقليل هيمنة الكتل السياسية الكبرى. إلا أن تجزئة الدوائر الانتخابية إلى مناطق صغيرة أدت إلى انتخاب مرشحين بأصوات محدودة، مما أضعف من شرعيتهم التمثيلية. هذا التغيير أتاح الفرصة لشخصيات غير معروفة أو غير مؤهلة للفوز بمقاعد برلمانية، مستفيدين من تشتت الأصوات وضعف المشاركة الانتخابية.
وينص الدستور العراقي على أن كل نائب يجب أن يمثل حوالي 100 ألف مواطن. إلا أن الواقع أظهر أن العديد من النواب الحاليين حصلوا على أصوات تقل بكثير عن هذا الرقم، مما يثير تساؤلات حول مدى تمثيلهم الحقيقي للشعب. هذا الخلل في التمثيل يعكس ضعف الصلة بين النواب وقواعدهم الشعبية، ويؤثر سلبا على فاعلية البرلمان في تمثيل مصالح المواطنين.
وأدى ضعف التمثيل إلى تراجع في جودة الأداء البرلماني، حيث شهدت الدورة الحالية تأخيرات في إقرار القوانين المهمة، وضعفاً في الرقابة على أداء الحكومة، فضلا عن غياب المبادرات التشريعية الفعالة. كما ساهمت الانقسامات السياسية والتجاذبات الحزبية في تعطيل عمل البرلمان، مما زاد من حالة الإحباط لدى المواطنين تجاه المؤسسة التشريعية.
ولتحسين أداء البرلمان وتعزيز شرعيته، من الضروري مراعاة تمثيلا أكثر عدالة وفعالية في القوانين الانتخابية، وينبغي أيضا تعزيز الوعي السياسي لدى الناخبين وتشجيع المشاركة الانتخابية، لضمان انتخاب ممثلين يعكسون فعليا تطلعات ومصالح الشعب العراقي.
في الختام، يُعد أداء مجلس النواب في دورته الخامسة مؤشراً على الحاجة الماسة لإصلاحات سياسية وتشريعية، تهدف إلى تعزيز الديمقراطية وتحقيق تطلعات المواطنين في تمثيل فعّال وشفاف.