في زمنٍ باتت فيه المقدّسات هدفا لتصفية الحسابات السياسية، وتغليب الأجندات على الحُرُمات، كان لا بدّ أن ينهض الصوت الحرّ من حيث لا يُراد له أن يُسمع… من العراق، أرض المقدسات والشهداء، ارتفعت “راية زينب” من جديد، لا من قبة مرقدها في الشام وحسب، بل من قلب كل بيتٍ عراقي، ومضيفٍ وموكبٍ، كأنّها تستصرخ الأمة: أفي زينب تُنكّس الرايات؟!
لم يكن القرار بإنزال الراية الحمراء عن مرقد العقيلة (ع) في دمشق مجرّد خطوة إدارية كما روّج له المتشدّدون، بل كان طعنةً في وجدان الأمّة، أرادوا بها أن يُسكتوا التاريخ ويُطفئوا دمعة الحسين (ع) في أعين محبيه. لكن العراق قال كلمته… ورفع راية الثأر لزينب (ع)، كما رفع من قبل راية الثأر للحسين(ع)، وكأنّ كربلاء لم تنتهِ بعد، وكأنّ الراية التي نُكّست في الشام، قد رُفعت ألف مرة في بغداد والنجف وكربلاء والبصرة والناصرية…
إنها ليست مجرد راية تُرفع فوق بيتٍ أو مضيف… إنها موقف، ومبايعة، ورسالة. ما فعله العراقيون برفع راية السيدة زينب (عليها السلام) فوق منازلهم، ليس عملا طقوسيّا ولا ردة فعل عاطفية عابرة، بل هو إعلان صريح بأن المقدسات لا تُهان، وأن الدم الذي سال في كربلاء لم يجف، بل يسري في وجدان الأحرار.
حين تُسقط السياسة راية العقيلة من فوق القبة، يرفعها شعب العراق من فوق البيوت… ليقول: “راية زينب لا تُنكّس، بل تزداد علوّا حين تُستهدف”.
كل راية على منزل، هي صفعة بوجه التطبيع، وردّ على التخاذل، وتجديد عهدٍ بأن السيدة زينب (ع)، كما لم تُترك يوم كربلاء، فلن تُترك اليوم.