تقرير: رسل صادق
أزمة ثقة مزمنة في المنظومة السياسية، يواجه العراق تحدياً وجودياً يتمثل في تآكل ثقة الشعب بالحكومة مع اقتراب نهاية المدة الرئاسية الحالية. هذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج تراكمات سنوات من الفساد وسوء الإدارة والانقسامات السياسية. تشير الدراسات إلى أن الثقة بالنظام السياسي العراقي تشكل عاملاً أساسياً لاستقرار الدولة، إلا أنها واجهت تحديات كبيرة منذ عام 2003، أبرزها الفساد المالي والإداري، والانقسامات السياسية والحزبية والطائفية، والتدخلات الخارجية .
جذور الأزمة من الاحتجاجات إلى الحكومات المتعاقبة، اندلعت احتجاجات تشرين 2019 كتعبير صارخ عن فقدان الثقة بالنخبة الحاكمة، حيث طالبت بتغييرات جذرية في النظام السياسي، ومحاربة الفساد، ومحاسبة الفاسدين، وإجراء تعديلات دستورية، وتحسين الخدمات الأساسية . ورغم مرور سنوات على تلك الاحتجاجات، إلا أن المعالجات الحكومية بقيت محدودة، مما عزز الشعور لدى نسبة ليست قليلة بعدم جدوى إصلاح النظام السياسي الحالي .
تحديات استعادة الثقة في و استمرار أزمة الفساد والمحسوبية، ما زال الفساد يشكل التحدي الأكبر لثقة المواطنين، حيث أصبح ثقافة في مؤسسات الدولة، متجذراً ويعيق التنمية ويعزز الشعور بعدم العدالة . أدى ضعف الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والتعليم والصحة إلى زيادة استياء المواطنين، خاصة مع غياب المحاسبة الفعالة للجهات المسؤولة .
التحديات الأمنية والتدخلات الخارجية، يواجه العراق تهديدات أمنية متعددة، من الإرهاب إلى الجريمة المنظمة والنزاعات العشائرية . كما أن التدخلات الخارجية والصراعات الداخلية بين الأحزاب السياسية تؤدي إلى عدم استقرار الحكومات المتعاقبة، مما يخلق حالة من الإحباط الشعبي .
الأزمة الاقتصادية والبطالة، يعتمد العراق بشكل كبير على النفط، ما يجعله عرضة للأزمات المالية . تفاقمت مشاكل البطالة والفقر، خاصة بين الشباب، مما يزيد من السخط الشعبي ويقوض الثقة في قدرة الحكومة على إدارة الاقتصاد.
محاولات استعادة الثقة: بين الوعود والواقع وبذلت الحكومات المتعاقبة بعض المحاولات لاستعادة ثقة الشعب، منها:
- محاولات تبني إصلاحات سياسية واقتصادية، مثل مكافحة الفساد وتحسين الخدمات .
- تزايد دور الشباب والمجتمع المدني في الضغط من أجل التغيير والإصلاح .
- محاولات تعزيز الشفافية في بعض مؤسسات الدولة عبر رقابة برلمانية وإعلامية أكبر .
ومع ذلك، فإن نجاح هذه المحاولات يعتمد على قدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات حقيقية تلبي طموحات المواطنين، بعيدًا عن الحلول المؤقتة أو الوعود غير المنفذة .
مستقبل الثقة الشعبية: سيناريوهات محتملة مع اقتراب نهاية المدة الرئاسية ، تبرز عدة سيناريوهات:
سيناريو الإصلاح الجذري، في حال تمكنت الحكومة من تنفيذ إصلاحات حقيقية في مكافحة الفساد وتحسين الخدمات وتعزيز الاستقرار الأمني، قد تشهد الثقة الشعبية تحسناً ملحوظاً.
سيناريو الاستمرارية، إذا استمرت الحكومة في سياساتها الحالية دون تغيير جذري، فمن المتوقع أن تزداد هوة الثقة بين الشعب والحكومة، مما قد يؤدي إلى موجة جديدة من الاحتجاجات.
سيناريو التدهور، في حال تفاقم الأزمات الاقتصادية والأمنية، قد يشهد العراق انهياراً كاملاً في الثقة بالحكومة، مع عواقب غير متوقعة على الاستقرار السياسي.
طريق طويل نحو استعادة الثقة، استعادة ثقة الشعب العراقي في حكومته تتطلب أكثر من مجرد وعود وشعارات. تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية لإجراء إصلاحات جذرية في النظام السياسي والاقتصادي، ومكافحة الفساد بجدية، وتحسين الخدمات الأساسية، وتعزيز سيادة القانون. مع اقتراب نهاية المدة الرئاسية 2025، توفر الحكومة الحالية فرصة أخيرة لبدء عملية إصلاح حقيقية يمكن أن تعيد بناء الجسور المكسورة بين الدولة والمواطنين.