بغداد - بغداد الاخبارية
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر المقبل، تتصاعد حدة الجدل في العراق حول نزاهة الاستحقاق الانتخابي، وسط مخاوف من تأثير المال السياسي وصراع القوى الكبرى على إعادة تشكيل المشهد السياسي.
وفي الوقت الذي تسعى فيه بعض الأطراف إلى تعديل قانون الانتخابات لضمان تمثيل أوسع، تبدي قوى أخرى مخاوف من أن التعديلات قد تصبّ في مصلحة جهات معينة على حساب قوى أخرى.
زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، أطلق تحذيرات شديدة اللهجة حول احتمالات التلاعب بالانتخابات عبر استخدام المال السياسي، مشددا على ضرورة ضمان نزاهتها كشرط أساسي لإستقرار العملية السياسية.
وأكد في كلمة متلفزة تابعتها #بغداد_الاخبارية، أن العراق لا يمكن أن يعود إلى “أيام الانقلابات والمؤامرات”، مشيرا إلى أن الانتخابات يجب أن تكون وسيلة التغيير السلمي، داعيا المواطنين إلى المشاركة الواسعة في التصويت.
بالتوازي مع ذلك، قدمت اللجنة القانونية في البرلمان مشروع تعديل على قانون الانتخابات، يتضمن تحويل المحافظة إلى دائرة انتخابية واحدة، باستثناء بغداد والبصرة والموصل، التي ستقسم إلى دائرتين انتخابيتين. ويهدف المقترح إلى الحد من ظاهرة “الترشيح المضاعف”، حيث يمنع ترشيح أكثر من شخص من القائمة نفسها لمقعد واحد، وهي ممارسة اعتمدتها بعض الأحزاب في الانتخابات السابقة.
ويشمل التعديل تخصيص 30% من المقاعد للمرشحين الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات ممن تجاوزوا عتبة 1.5%، بينما تُوزع النسبة المتبقية (70%) بين مرشحي القوائم، مع تعديل معادلة “سانت ليغو” لتبدأ من 1.5 بدلا من 1.7، في خطوة تهدف إلى تعزيز فرص المستقلين وتقليل هيمنة الأحزاب الكبرى.
إلا أن “سانت ليغو” ظل موضع انتقادات واسعة منذ اعتماده، حيث يرى معارضوه أنه صُمم لتمكين الأحزاب التقليدية من السيطرة على المقاعد البرلمانية وإقصاء القوى الناشئة والمستقلين، خاصة بعد نتائجه المثيرة للجدل في انتخابات مجالس المحافظات 2023، حيث أفرز هيمنة واضحة للبعض القوى التقليدية.
ويرى مراقبون أن أي تعديل على القانون الانتخابي قد يواجه عراقيل سياسية، نظرا إلى أن كل طرف يسعى لتمرير التعديلات التي تصبّ في مصلحته، مما يعقّد إمكانية التوصل إلى توافق واسع بشأن الإصلاحات المقترحة.
في غضون ذلك، أعلنت مفوضية الانتخابات بدء تحديث سجل الناخبين استعدادا للاستحقاق المقبل، مشددة على التزامها بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد قبل 25 نوفمبر، وفقا للجدول الدستوري الذي يلزم بإجرائها قبل 45 يوما من انتهاء الولاية البرلمانية الحالية.
إلا أن هذا الموعد قد يكون موضع شك إذا مضت القوى السياسية في مساعي تعديل القانون، حيث حذرت المفوضية من أن أي تغيير جوهري في القانون قد يستلزم تأجيل الانتخابات لعدة أشهر إضافية، وهو ما قد يفتح الباب أمام أزمة سياسية جديدة.
ومع استمرار الجدل، تبرز مواقف متباينة من القوى السياسية، حيث يرفض التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، أي مشاركة في الانتخابات المقبلة، موكدا أن “الفساد ما زال مستشريا”، ومعتبرا أن الانتخابات لن تكون سوى “إعادة إنتاج للواقع السياسي الحالي”، وفق تعبيره.
بالمقابل، تسعى القوى التقليدية إلى الحفاظ على مكاسبها، فيما تحاول بعض الأحزاب الناشئة الدفع باتجاه تعديلات تعزز من فرص المستقلين في الوصول إلى البرلمان.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى المشهد السياسي في حالة ترقب، حيث قد تحدد الأسابيع المقبلة ملامح الانتخابات المقبلة، سواء من حيث موعد إجرائها أو التعديلات التي قد تطرأ على قانونها.