تقرير: هدى مهدي جاسم
لا شك أن مصطلحات مثل “برد العجوز” و**“الجلة الخرسة”** تتردد على ألسنة الناس، خاصة في الأوساط الريفية والشعبية، لكنها غالبًا ما تمر دون تدقيق في معانيها وأصولها التاريخية، التي تمتد لآلاف السنين. وعلى الرغم من أن البعض يعتقد أنها مجرد تعبيرات فولكلورية، إلا أن جذورها تعود إلى الحضارات القديمة، حيث كانت تعبر عن فترات زمنية محددة ذات طقس قاسٍ، لا يزال تأثيره ملموسًا حتى اليوم.
برد العجوز.. سبعة أيام من الصقيع
يرتبط مصطلح “برد العجوز” بأسطورة تعود إلى العصر الأكدي، تحكي عن امرأة عجوز قررت الزواج بعد وفاة زوجها، وهو أمر لم يرق لأبنائها، فاشترطوا عليها قضاء سبع ليالٍ في العراء لإثبات قدرتها على تحمل الحياة الجديدة لم تحتمل العجوز قسوة البرد، وفارقت الحياة قبل تحقيق رغبتها. ومن هنا، أصبحت هذه الأيام السبعة رمزًا لفترة باردة جدًا تأتي في أواخر الشتاء، وغالبًا ما تكون آخر موجات الصقيع قبل حلول الربيع.
“الجلة الخرسة”.. صمت الطبيعة في أشد أيام الشتاء قسوة
أما “الجلة الخرسة”، فترتبط بمعتقد سومري قديم، حيث كان يُعتقد أن روح الميت تظل قريبة من منزله لمدة أربعين يومًا قبل أن تصعد إلى السماء. خلال هذه الفترة، يقال إن الطبيعة تصبح صامتة بشكل غريب، ويتزامن ذلك مع أشد أيام الشتاء برودةً وربما جاءت تسمية “الخرسة” من هذا الصمت الذي يعمّ الأجواء، وكأن الكائنات الحية تتجنب مواجهة قسوة الطقس.
هل ما زالت هذه الظواهر مؤثرة على الطقس اليوم؟
على الرغم من أن هذه المسميات مستمدة من التراث القديم، فإنها لا تزال مستخدمة حتى اليوم، حيث يُلاحظ بالفعل وجود موجات برد شديدة في الفترات التي تشير إليها هذه الأساطير
ويعزو البعض ذلك إلى دورات مناخية طبيعية تجعل البرد يشتد في أواخر الشتاء، رغم اقتراب الربيع.
وفي النهاية، سواء كانت هذه المسميات نابعة من تجارب بشرية متراكمة أو مجرد أساطير قديمة، فإنها تعكس إدراك الإنسان القديم للظواهر الجوية، وقدرته على توثيقها في قوالب سردية لا تزال متداولة حتى يومنا هذا.
#الشتاء#برد#امطار#بغداد_الاخبارية