في مشهدٍ لافتٍ، حَطَّ السفيرُ العراقي لدى المملكةِ المتحدة، جعفرُ الصدر، رحالَهُ في البصرة، مستقبَلًا من قبلِ وزير النقل رزاق محيبس. زيارةٌ ليست كسابقاتِها، بل تحملُ إشاراتٍ قد تتجاوزُ الإطارَ الدبلوماسيَّ إلى أبعادٍ سياسيةٍ أعمق، خصوصًا أنها تأتي في وقتٍ تتزايدُ فيهِ التوقعاتُ حولَ عودةِ التيارِ الصدري إلى المشهدِ السياسيِّ.
فما بينَ تقاريرٍ تتحدثُ عن نيةِ السيدِ مقتدى الصدرِ خوضَ الانتخاباتِ البرلمانيةِ المقبلة، وتحركاتٍ داخلَ التيارِ الوطنيِّ الشيعيِّ لترتيبِ الصفوف، تبدوُ هذهِ الزيارةُ كجزءٍ من إعادةِ التموضعِ الاستراتيجيِّ للتيارِ قبلَ استحقاقِ أكتوبر 2025.
السؤالُ الذي يفرضُ نفسهُ: هل هي خطوةٌ تمهيديةٌ لعودةِ الحنانةِ إلى دائرةِ القرار؟ أم أنها زيارةٌ بروتوكوليةٌ لا تحملُ أكثرَ من دلالاتٍ اعتيادية؟
المراقبونَ يرونَ أن التيارَ الصدريَّ، رغمَ انسحابِه من العمليةِ السياسيةِ عامَ 2022، لم يكنْ يومًا خارجَ الحسابات. فقرارُ الاعتزالِ جاءَ بعدَ تصعيدٍ بلغَ ذروتَهُ باعتصاماتٍ وصداماتٍ مسلحةٍ في المنطقةِ الخضراءِ، لكنَّ أسئلةَ المستقبلِ لا تزالُ مفتوحةً، ومواقفُ التيارِ لطالما كانتَ قابلةً للتغيرِ تبعًا للمستجدات.
وفي هذا السياق، لم يتأخر ائتلافُ دولةِ القانونِ في إرسالِ إشاراتِ الترحيبِ بأيِّ عودةٍ محتملةٍ للتيارِ الصدري، إذ اعتبرَ عبدُ الرحمنِ الجزائريُّ، أحدُ أعضاءِ الائتلافِ، أنَّ الصدريينَ يمثلونَ جزءًا أساسيًا من الخارطةِ السياسيةِ، ما يفتحُ البابَ أمامَ تحالفاتٍ قد تُعيدُ رسمَ التوازناتِ داخلَ البيتِ الشيعي.
لكن، حتى اللحظة، تبقى كلُّ التحليلاتِ مجردَ استنتاجاتٍ، بانتظارِ موقفٍ رسميٍّ من الحنانةِ نفسها، التي لطالما كانَ صمتُها أكثرَ تعبيرًا من التصريحاتِ المباشرة.. فهل تكونُ هذهِ الزيارةُ بدايةَ تحوُّلٍ جديدٍ في المشهدِ السياسيِّ العراقي؟ الأيامُ المقبلةُ كفيلةٌ بالإجابة.