شهد العراق خلال السنوات الأخيرة تحولًا جذريًا في طبيعة الإعلام ودوره، مع صعود ما يُعرف بـ “الإعلام الجديد” الذي يشمل وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، والتي أصبحت المصدر الرئيسي للمعلومات بالنسبة لشريحة واسعة من المواطنين، خصوصًا فئة الشباب. هذا التحول لم يغيّر فقط طريقة تداول الأخبار، بل أسهم في إعادة تشكيل الرأي العام وأساليب التعبير السياسي والاجتماعي.
فبعد أن كان المواطن يعتمد على القنوات التلفزيونية والصحف الورقية كمصدر أساسي للأخبار، أصبحت المنصات الإلكترونية مثل “فيسبوك” و“إكس” و“تيك توك” و“يوتيوب” ساحاتٍ للنقاش السياسي والتأثير في الاتجاهات العامة. وقد لعب هذا الدور بوضوح خلال الاحتجاجات الشعبية التي شهدها العراق في السنوات الماضية، إذ ساعد الإعلام الجديد على نشر الوعي، وتوثيق الأحداث لحظة بلحظة، وتوحيد الخطاب الشعبي حول مطالب الإصلاح ومكافحة الفساد.
في المقابل، برزت تحديات كبيرة تتعلق بانتشار الأخبار المضللة، واستخدام المنصات لأغراض سياسية أو حزبية، مما جعل الرأي العام عرضة للتلاعب والتوجيه. فبعض الجهات السياسية والإعلامية باتت تستغل هذه الوسائل لبث رسائل محددة تخدم مصالحها، سواء عبر الحملات الدعائية أو من خلال جيوش إلكترونية تعمل على تشويه الحقائق أو مهاجمة الخصوم.
ومع ضعف الوعي الإعلامي لدى الكثير من المستخدمين، أصبح التمييز بين الخبر الحقيقي والمفبرك مهمة صعبة، مما انعكس على مستوى الثقة بالمؤسسات الرسمية والإعلامية التقليدية. كما أن سرعة تداول المعلومات، رغم إيجابيتها في إيصال الصوت الشعبي، قد تؤدي أحيانًا إلى نشر الشائعات قبل التحقق منها، وهو ما يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي.