تعيش البلاد مرحلة سياسية حساسة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث تتسارع وتيرة الاستعدادات على المستويين الرسمي والسياسي وسط اهتمام شعبي متزايد بما يمكن أن تحمله صناديق الاقتراع من تغييرات في المشهد العام. هذه الانتخابات التي تُعد محطة مفصلية في المسار الديمقراطي تأتي في ظل تحديات اقتصادية وأمنية واجتماعية معقدة، ما يرفع سقف التوقعات والرهانات لدى مختلف الأطراف المعنية.
على الصعيد الفني والإجرائي، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن استكمال الجزء الأكبر من التحضيرات اللوجستية والفنية، بدءًا من تحديث سجلات الناخبين وتوزيع البطاقات البايومترية، مرورًا بتجهيز المراكز الانتخابية وتأمينها، وصولًا إلى اعتماد أنظمة الفرز الإلكتروني لتعزيز الشفافية وسرعة إعلان النتائج. وأكدت المفوضية أن العملية ستجري تحت إشراف ومراقبة محلية ودولية، مع اتخاذ إجراءات احترازية لضمان نزاهة الاقتراع ومنع أي محاولات للتزوير أو التأثير غير المشروع على الناخبين.
أما المشهد السياسي فيتسم بحراك مكثف بين الأحزاب والتيارات التي دخلت في سباق محموم لتشكيل التحالفات وتوسيع قاعدتها الشعبية، في ظل إدراك الجميع أن نتائج هذه الانتخابات ستحدد شكل الحكومة المقبلة واتجاهاتها السياسية والاقتصادية. البرامج الانتخابية المطروحة تتنوع بين وعود بالإصلاح الاقتصادي ومعالجة أزمة البطالة وتحسين الخدمات العامة، وبين تعهدات بمحاربة الفساد وتعزيز سيادة القانون، بينما يركز البعض الآخر على قضايا الأمن والسياسة الخارجية.
في المقابل، يبدي الشارع حالة من الترقب الممزوجة بالحذر، إذ يعبر كثير من المواطنين عن رغبتهم في التغيير وتحقيق إصلاحات حقيقية، لكنهم يواجهون في الوقت ذاته حالة من فقدان الثقة جراء تجارب سابقة لم تفِ بوعودها. كما تبرز مخاوف من احتمالية عزوف بعض الناخبين عن المشاركة نتيجة الإحباط أو ضعف القناعة بجدوى العملية السياسية، وهو ما دفع مفوضية الانتخابات والجهات المعنية إلى تكثيف حملات التوعية بأهمية المشاركة الفاعلة.
وبينما تقترب ساعة الحسم، تتجه الأنظار إلى يوم الاقتراع باعتباره اختبارًا لقدرة النظام السياسي على تجديد شرعيته عبر صناديق الاقتراع، ولإرادة الناخبين في رسم مسار جديد للبلاد، في وقت لا تزال فيه الأسئلة الكبرى حول التحالفات اللاحقة وتوزيع القوى داخل البرلمان المقبل مفتوحة على كل الاحتمالات.