تعيش المدن العراقية هذه الأيام أجواءً يغمرها الحزن والترقب مع اقتراب زيارة الأربعين، حيث يستعد العراق لاستقبال ملايين الزائرين الذين يفدون إلى كربلاء سيراً على الأقدام لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام. ورغم ضخامة الاستعدادات الحكومية والأمنية والخدمية، يبقى المشهد مفعماً بمشاعر الأسى على الفاجعة الكبرى التي تعود إليها هذه المناسبة، والتي تذكر العالم بأسره بمعاني التضحية والفداء.
الطرق المؤدية إلى كربلاء بدأت تمتلئ بجموع الزائرين الذين يقطعون المسافات الطويلة في مسيرات إيمانية يختلط فيها الألم بالولاء، فيما تعمل الدوائر الحكومية على تأمين طرقهم وتوفير الخدمات رغم الضغوط الكبيرة على البنى التحتية من كهرباء ومياه. المواكب المنتشرة على طول الطرق تبذل قصارى جهدها لخدمة الزوار بالمأكل والمشرب والمبيت، في مشهد إنساني يعكس تلاحم العراقيين وروحهم التضامنية، لكن خلف هذه الجهود يكمن شعور جماعي بالحزن لاستعادة ذكرى المأساة التي وقعت في كربلاء قبل أكثر من أربعة عشر قرناً.
ورغم التحديات الأمنية والخدمية، يبقى العراقيون مستعدين لاحتضان زائري الإمام الحسين، مدفوعين بقدسية المناسبة وعظمة رسالتها. ويبدو العراق اليوم، بكل مدنه وقراه، وكأنه يعيش لحظة تاريخية تعيد إحياء الحزن الحسيني العميق، حيث يمتزج صدى البكاء والدعاء مع خطى الزائرين المتجهين صوب مرقد سيد الشهداء.