الصراع في محافظة السويداء السورية لا يبدو في ظاهره مؤثراً بشكل مباشر على العراق، لكنه يحمل دلالات وتداعيات إقليمية قد تؤثر على الوضع العراقي بشكل غير مباشر. السويداء، ذات الغالبية الدرزية، تشهد توتراً متصاعداً بين السكان المحليين والنظام السوري، مع تزايد الاحتجاجات والمطالبة بالإصلاح أو حتى تغيير جذري في بنية الحكم، وهو ما يعكس مزاجاً متقلباً في جنوب سوريا القريب من الحدود الأردنية والجنوب الغربي للعراق.
هذا الاضطراب قد يعمّق حالة التوتر في الإقليم، خصوصاً إذا تدخلت أطراف خارجية، سواء بدعم للمتظاهرين أو عبر تحركات استخبارية على الأرض، مما قد يهدد التوازن الهش في المنطقة الممتدة من جنوب سوريا إلى غرب العراق. العراق يراقب ما يحدث في السويداء من زاوية أمنية بحتة، فكل ما يجري في سوريا ينعكس بشكل أو بآخر على أمنه الحدودي، خصوصاً أن المساحات الصحراوية المشتركة كانت ولا تزال ممراً تقليدياً لنشاط الجماعات المسلحة، وعلى رأسها تنظيم داعش. أي خلخلة في الجنوب السوري قد تسمح بعودة أو تسلل عناصر متطرفة إلى الأراضي العراقية.
إلى جانب ذلك، فإن المشهد الطائفي في العراق، وإن كان لا يشترك مذهبياً مع دروز السويداء، إلا أنه شديد الحساسية لأي تغيّرات في سوريا، نظراً للترابط المعقد بين القوى الشيعية العراقية والإيرانية والسورية. ضعف النظام السوري في أي بقعة من أراضيه قد يُترجم إلى تهديدات لمسارات الإمداد البرية بين طهران وبغداد ودمشق، وهو ما تراقبه الأطراف العراقية المتحالفة مع طهران بدقة. في المقابل، فإن أي تحرك دولي أو ضغط على النظام السوري انطلاقاً من حراك السويداء قد يفتح الباب أمام تصعيد سياسي في ملفات أخرى، قد يكون العراق جزءاً منها، خاصة إذا تحركت الولايات المتحدة أو إسرائيل في هذا الاتجاه.
بالمجمل، لا يبدو أن السويداء تمثل أولوية مباشرة لصانع القرار العراقي في الوقت الراهن، لكنها تبقى نقطة في خارطة الصراع الإقليمي، وأي اشتعال فيها قد ينعكس على العراق بطرق غير متوقعة، خاصة في الملف الأمني والحدودي، وفي إعادة تشكيل الاصطفافات الإقليمية.