خاص — بغداد الاخبارية
في ظل درجات حرارة تتجاوز 50 مئوية، وتضارب القرارات الحكومية بشأن توقيتات الدوام الرسمي، باتت الموظفات في العراق خصوصاً من يعملن في قطاع التعليم العالي ، يواجهن معاناة يومية بين مطرقة الزخم المروري وسندان التفاوت الإداري بين الوزارات.
ورغم إصدار الأمانة العامة لمجلس الوزراء قراراً يتعلق بتوحيد ساعات الدوام، إلا أنه تجاهل قراراً لاحقاً صدر بتاريخ 18/2/2025، يقضي بإعادة توقيتات الدوام الرسمي للجامعات إلى ما كانت عليه سابقاً، ومنح صلاحيات تحديد التوقيت لمجالس الجامعات، ابتداءً من 2 آذار 2025.
وهذا التباين يكشف ثغرة خطيرة في التنسيق المؤسسي بين الوزارات، ويطرح سؤالاً قانونياً وأخلاقياً: هل يجوز تجاهل تعديل صادر بقرار مجلس وزراء؟ وهل هناك إطار قانوني يمنع "الاجتهاد الفردي" في تفسير الأوامر المركزية؟ في معظم الدول المستقرة إداريًا، مثل ألمانيا وكندا ودول الخليج، تُعدّ التوقيتات الرسمية للدوام موحدة بين الوزارات، ويتم تنظيمها بموجب قوانين عمل مرنة تضمن التوازن بين المصلحة العامة وحقوق العاملين، لا سيما النساء.
أما في العراق، فإن الفصل بين توقيتات الوزارات لا ينعكس فقط على جودة الأداء، بل يشكل عبئاً ثقيلاً على المرأة العاملة، التي تجد نفسها مجبرة على التنقل في شوارع مكتظة وتحت لهيب تموز، لتلتحق بدوام لا يتقاطع فقط مع دوام زوجها أو أطفالها، بل قد يمتد إلى ساعات الذروة دون أي اعتبار لواقع النقل أو مسؤولياتها الأسرية.
وإن تجاهل قرارات لاحقة أو التعامل الانتقائي معها، لا يمثل فقط خللاً إدارياً، بل يعكس انعدام وضوح في إدارة الوقت على المستوى الوطني، وهو أمر خطير في دولة تعاني أصلاً من تراجع الإنتاجية وارتفاع نسب الإجهاد الوظيفي.
وفي بلد يتحدث عن "الإصلاح الإداري"، لا يمكن القفز على التفاصيل التي تمس الحياة اليومية للمواطن ، ولعلّ أبسط حقوق الموظف رجلًا كان أو امرأة هو أن يعرف متى يبدأ عمله ومتى ينتهي، دون مفاجآت موسمية أو اجتهادات متضاربة!
فهل ستتدارك الجهات المعنية هذا الخلل وتعيد رسم خارطة زمنية عادلة وموحّدة للدوام الرسمي؟ أم ستبقى القرارات رهينة الفوضى، بينما تتبخر طاقات النساء في قيظ الانتظار؟