يشهد العراق في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية المقبلة تصاعداً لافتاً في حدة الصراع السياسي، خصوصاً داخل الكتل والأحزاب نفسها، حيث بدأت الخلافات تتفاقم حول ترتيب تسلسلات المرشحين ضمن القوائم الانتخابية، وهو ما يُعد مؤشراً على اشتداد التنافس الداخلي المبكر، حتى قبل بدء الحملات الانتخابية الرسمية. فقد تحولت قضية تسلسل الأسماء إلى ساحة مواجهة محتدمة، إذ يعتبرها العديد من السياسيين عاملاً حاسماً في فرص الفوز بمقعد نيابي، خصوصاً في الدوائر التي تعتمد النظام الفردي وشبه الفردي، حيث للتسلسل دور كبير في تحديد الأولويات داخل القائمة.
وتشهد بعض القوى السياسية خلافات حادة بين مرشحين قدامى وآخرين جدد، ممن يحظون بدعم من قيادات الحزب أو بدوافع مالية وإعلامية، ما يثير حالة من التذمر داخل الأوساط القاعدية. كما ينعكس هذا التنافس على شكل انسحابات أو تهديدات بالانشقاق، وسط اتهامات لبعض القيادات بتغييب العدالة واعتماد معايير شخصية أو مصلحية في ترتيب القوائم، لا سيما مع غياب آليات واضحة وشفافة لتحديد الأولويات داخل الأحزاب.
التوتر بلغ مستويات متقدمة في بعض التحالفات الكبرى، التي تسعى إلى تقديم نفسها على أنها موحدة ومتماسكة، في وقت تواجه فيه صراعاً داخلياً محتدماً يهدد بانقسامات قد تظهر إلى العلن في الأيام المقبلة. وتبرز هذه الأزمة بشكل خاص في الأوساط السنية والشيعية على حد سواء، حيث تسعى كل كتلة إلى ضمان فوز مرشحيها الأكثر قرباً من قياداتها أو مموليها، بينما يعاني المرشحون المستقلون أو الشباب من التهميش.
ويحذر مراقبون من أن استمرار هذا النوع من الصراع الداخلي قد يؤدي إلى فقدان ثقة الناخبين بالعملية السياسية برمتها، ويكرّس منطق الزبائنية والمحاصصة على حساب الكفاءة والتمثيل الحقيقي. كما يضعف من فرص الإصلاح والتغيير التي ينشدها الشارع العراقي، الذي سبق وأن عبّر عن رفضه للنخبة التقليدية عبر حركات احتجاجية متكررة.