تُعد البطالة من أبرز التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المجتمع العراقي، وخاصة بين فئة الشباب، الذين يمثلون الشريحة الأكبر والأكثر حيوية في البلاد. فمع استمرار الأزمات السياسية والاقتصادية، وتدهور البنى التحتية، وتراجع فرص الاستثمار، تفاقمت ظاهرة البطالة بشكل مقلق.
أسباب البطالة في العراق متعددة، منها غياب الخطط التنموية الفعّالة، وافتقار النظام التعليمي إلى التحديث بما يتناسب مع سوق العمل، بالإضافة إلى الفساد الإداري والمالي الذي أثر بشكل مباشر على خلق فرص العمل. كما ساهمت الصراعات الداخلية وعدم الاستقرار الأمني في عزوف كثير من الشركات المحلية والأجنبية عن الاستثمار في البلاد.
أما عن أثر البطالة على المجتمع العراقي، فهو بالغ الخطورة. إذ تؤدي البطالة إلى ارتفاع معدلات الفقر وتدهور المستوى المعيشي لكثير من الأسر، وتفتح الباب أمام تفشي الجريمة والمخدرات والتطرف. كما يشعر الشباب بالإحباط واليأس، مما يدفع بعضهم إلى الهجرة غير الشرعية بحثًا عن حياة أفضل، بينما يتحول آخرون إلى أدوات للعنف والنزاعات المسلحة.
البطالة أيضاً تؤثر سلباً على النسيج الاجتماعي، إذ تضعف روح الانتماء للوطن، وتزيد من الاحتقان الاجتماعي بين الفئات المختلفة. ومع غياب دور الدولة الفاعل في معالجة الأزمة، يصبح المجتمع أكثر هشاشة وأقل قدرة على التقدم والنهوض.
لحل مشكلة البطالة، يحتاج العراق إلى سياسات اقتصادية حقيقية تقوم على تنويع مصادر الدخل الوطني، ودعم القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة، بالإضافة إلى إصلاح النظام التعليمي والتدريبي بما يتماشى مع احتياجات السوق، وتحقيق بيئة آمنة للاستثمار، ومحاربة الفساد بكل أشكاله.
إن معالجة البطالة بين الشباب ليست مهمة حكومية فقط، بل هي مسؤولية مجتمعية شاملة تتطلب تعاون الجميع، لبناء مستقبل أفضل للعراق، يعمّه الاستقرار والازدهار.