بقلم ايات العميري — بغداد الاخبارية
في خطوة تثير الجدل، وتكشف كثيراً من خفايا التحولات في ميزان العلاقات الإقليمية، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع في القمة العربية المقبلة التي ستعقد في بغداد في 17 أيار 2025.
ما يُلفت النظر ليس فقط الحضور، بل شخصية الحاضر "أحمد الشرع" "الجولاني" سابقاً ، الرجل الذي كان، بالنسبة لكثير من العراقيين، رمزاً للعنف والدمار، متّهماً شعبياً على الأقل بالمشاركة في عمليات أدت إلى سفك دماء العراقيين، يعود اليوم إلى بغداد لا كمطلوب للمساءلة، بل كـ"شخصية محترمة" و"ضيف دولة".
لا يمكن فهم هذه الخطوة خارج سياق ما يجري في المنطقة، فالسياسة لا تعرف ذاكرة طويلة، بل مصالح متغيرة ، ويبدو أن الحكومة العراقية الحالية، بتوجهاتها البراغماتية، تسعى إلى ترميم علاقاتها مع النظام السوري ضمن محور تقوده طهران ويتوسع بهدوء في عموم المنطقة.
ومع أن الشرع لم يحاكم يوماً على ما يتهم به من انتمائه إلى تنظيم القاعدة والعمليات التي قام بها برفقة الزرقاوي 2003 و البغدادي عام 2014 عند دخول تنظيم داعش للعراق ، إلا أن حضوره في بغداد، بدعوة رسمية، يعتبر تطبيعاً فعلياً مع الماضي، بل تلميحاً بأن الملف قد أُغلق تماماً، وبأن المصالحة الإقليمية أهم من العدالة التاريخية.
وفي خضم هذا كله، يبقى السؤال الأهم ماذا عن العراقي العادي؟ ذاك الذي فقد ابنه أو أخاه أو بيته في فوضى وحمام الدم الذي كان الشرع أحد أبطالها ؟ هل يشعر بالارتياح وهو يرى من يعتبره مسؤولاً عن مأساته يُستقبل بالسجادة الحمراء؟
وربما لم يعد صوت الشارع مؤثراً كما كان، أو ربما اختار الصمت أمام تعقيدات لعبة أكبر منه، لكن من المؤكد أن القمم تُعقد، والتاريخ يُعاد تدويره، أما الذاكرة، فهي الورقة الوحيدة التي لا مكان لها في دفتر الحسابات السياسة .