كتب: المحرر السياسي
في توقيت حرج تمر فيه المنطقة بتعقيدات أمنية ومناخ سياسي متوتر، يستعد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني للتوجه إلى تركيا خلال الأيام القليلة المقبلة، على رأس وفد حكومي رفيع.
الزيارة المرتقبة ليست مجرد لقاء دبلوماسي روتيني، بل تحمل طابعا استراتيجيا معقدا، وسط تراكم ملفات شائكة في العلاقة بين بغداد وأنقرة، وعلى رأسها: ملف المياه، التوغل العسكري التركي، ومشروع طريق التنمية.
أولاً: ملف المياه – معركة البقاء
يُعد ملف المياه الأشد إلحاحا في جدول الزيارة، في ظل تفاقم أزمة الجفاف والتصحر، وعجز العراق عن تأمين حصته العادلة من مياه نهري دجلة والفرات. ورغم الاتفاقات والمعاهدات الدولية، لم تلتزم تركيا حتى الآن بضمان التدفق المستمر للمياه، ما تسبب في خسارة العراق لمساحات زراعية تُقدَّر بـ100 كلم² سنويا.
وحسب تقرير حكومي، فإن نقص مليار متر مكعب من المياه يعني خروج 260 ألف دونم زراعي من الخدمة، في بلد يعتمد على الزراعة لتأمين جزء أساسي من أمنه الغذائي.
ثانيا: التوغل العسكري التركي – حدود بلا سيادة؟
يتزايد الضغط الشعبي والسياسي في بغداد للمطالبة بإنهاء الوجود العسكري التركي شمال العراق، حيث تضاعف عدد القوات التركية ثلاث مرات خلال السنوات الخمس الأخيرة.
التدخلات التركية تُبرر بـ”ملاحقة حزب العمال الكردستاني”، لكن الواقع يُظهر توغلات تصل لأكثر من 140 كلم داخل الأراضي العراقية، ما يثير حفيظة البرلمان والشارع على حد سواء.
ثالثا: طريق التنمية – جسور مصالح لا تُبنى بالنية
مشروع “طريق التنمية” الذي يربط ميناء الفاو الكبير بتركيا وأوروبا، سيكون ثالث أبرز الملفات. المشروع يُنظر إليه كـ”العمود الفقري” للاقتصاد العراقي المستقبلي، وركيزة للتكامل الإقليمي، لكن نجاحه مرهون بتفاهمات سياسية وأمنية راسخة مع تركيا.
وزير النقل التركي عبد القادر أورال أوغلو أكد أن المشروع وصل إلى مراحل متقدمة، ما يعزز أهمية الزيارة في تحويل الاتفاقات إلى خطوات تنفيذية ملموسة.
ملفات أخرى على الهامش.. لكنها لا تقل أهمية
إلى جانب الملفات الثلاثة الكبرى، سيُناقش السوداني أيضا:
• الطاقة والتبادل التجاري (بقيمة سنوية تقارب 20 مليار دولار).
• النقل والتعاون الاقتصادي.
• السياسات الإقليمية المتداخلة، خصوصا في سوريا والخليج.
وشدد السفير العراقي في أنقرة ماجد اللجماوي، على أن الزيارة تمثل “فرصة لتعزيز التوازن الإقليمي وبناء شراكة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة”.
بين الماضي والمستقبل: هل تُحدث هذه الزيارة فرقاً؟
سبق السوداني ان التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرتين خلال عام 2024، وأردوغان زار بغداد في نيسان من العام نفسه. لكن وبالرغم من كثافة اللقاءات، لم يُسجل اختراق حقيقي في الملفات الحساسة، وهو ما يضع الزيارة المرتقبة في خانة “الاختبار السياسي الحقيقي”.
التحدي اليوم لا يكمن في عقد الاجتماعات، بل في الخروج باتفاقات تُنفذ فعليا وتكبح جماح الأزمات المتكررة، من المياه إلى السيادة، مرورا بمشاريع النقل والطاقة.
#العراق_وتركيا
#المياه
#التوغل_التركي
#طريق_التنمية
#محمد_شياع_السوداني
#رجب_طيب_أردوغان
#السيادة_العراقية