على المحك: الحلقة الرابعة |
كتب : المحرر السياسي- بغداد الاخبارية
في خضم واقعٍ سياسيٍ متشابك، يخطو حزب اقتدار وطن بخطىً مدروسة، مرتكزًا على رؤيةٍ تجمع بين الطموح والتنظيم.
تأسس الحزب ليحمل شعار البناء والإعمار، في وقتٍ كان فيه العراق بأمسّ الحاجة إلى مشروعٍ يُعيد ثقة الناس بالعملية السياسية، ويُرسي أسس العمل الميداني المباشر بدل الخطابات التقليدية.
يقف حزب اقتدار وطن في المشهد السياسي العراقي كواحدٍ من القوى الصاعدة، حاملاً رؤيةً ترتكز على البناء والإعمار كحلٍّ واقعي لتجاوز أزمات البلاد المتراكمة. لكن ما الذي يميّز هذا الحزب عن غيره؟ وما هي المتبنيات التي تشكل هويته السياسية والاجتماعية؟
1. البناء والإعمار: مشروع الحزب الأول
يتبنى الحزب شعار البناء والإعمار كأولوية قصوى، معتبرًا أن الحلول تبدأ من إعادة بناء الدولة بمؤسسات قوية وخدمات عامة تستجيب لاحتياجات الشعب.
هذا التوجه ينبع من التجربة العملية لرئيس الحزب عبد الحسين عبطان، الذي قاد مشاريع تنموية كبرى خلال مسيرته السياسية، مثل بناء الملاعب الرياضية ومطار النجف الدولي.
الحزب يرى أن النهوض بالبنية التحتية ليس فقط حاجةً ملحّة، بل أيضًا فرصةٌ لتوفير فرص العمل وتحفيز الاقتصاد المحلي.
2. دعم الشباب: الاستثمار في المستقبل
يضع الحزب فئة الشباب في مقدمة أولوياته، مؤكدًا أن الشباب العراقي هو القادر على قيادة التغيير.
ويتبنى الحزب برامج لدعم الابتكار وريادة الأعمال، ويطالب بزيادة الاستثمار في التعليم والتدريب المهني لتمكين الشباب من الانخراط في سوق العمل بفعالية.
كما يركز على إشراك الشباب في العمل السياسي، ما يعكس وجود فرق تنظيمية شابة في مكاتب الحزب، تدير الأنشطة الميدانية وتضع خطط التوسع.
3. تعزيز الوحدة الوطنية: سياسة عابرة للطوائف
يرى حزب اقتدار وطن أن العراق بحاجةٍ ماسةٍ إلى خطاب وطني جامع يتجاوز الانقسامات الطائفية والعرقية. فهو يدعو إلى بناء دولة مؤسسات تُعلي من شأن المواطنة وتعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع العراقيين.
ويتجنب الحزب الخطابات التصادمية، ويحرص على تقديم نفسه كقوةٍ معتدلة، تجمع تحت مظلتها مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية.
4. محاربة الفساد: أولوية الإصلاح
أحد المرتكزات الأساسية للحزب هو محاربة الفساد، الذي يعتبره العقبة الأكبر أمام تقدم العراق. يطالب الحزب بتفعيل دور المؤسسات الرقابية، وتشديد العقوبات على الفاسدين، وضمان الشفافية في إدارة المال العام.
هذا الالتزام يظهر جليًا في خطاب الحزب الذي يدعو إلى تحويل الوعود إلى أفعال، مستندًا إلى تجربة قيادته في تنفيذ مشاريع ملموسة بعيدًا عن الفساد والمحسوبيات.
5. رؤية اقتصادية واضحة: تنويع مصادر الدخل
يدرك حزب اقتدار وطن أن الاعتماد المفرط على النفط كركيزةٍ أساسية للاقتصاد العراقي هو تحدٍ يجب تجاوزه. لذلك، يدعو إلى تنويع مصادر الدخل عبر:
• دعم القطاع الزراعي والصناعات التحويلية.
• تشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي في مجالات مثل السياحة والطاقة المتجددة.
• تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لفتح أسواقٍ جديدة أمام المنتجات العراقية.
6. المواقف الإقليمية والدولية: سياسة متوازنة
يتبنى الحزب موقفًا وطنيًا مستقلًا من القضايا الإقليمية والدولية، مؤكدًا على ضرورة الحفاظ على سيادة العراق. وفي الوقت نفسه، يدعو إلى التضامن مع الشعوب التي تسعى لتحقيق الحرية والعدالة، كما في موقفه المعلن من الأزمة السورية.
الحزب يدرك أن استقرار العراق مرتبطٌ باستقرار المنطقة، لذا يدعو إلى تعزيز العلاقات مع دول الجوار على أساس المصالح المشتركة.
ما يميّز اقتدار وطن هو إرث قيادته، فـعبد الحسين عبطان، رئيس الحزب، ليس مجرد شخصية سياسية تقليدية، بل رجلٌ عُرف بالعمل الميداني وتحقيق الإنجازات. من بناء الملاعب إلى مشاريع النقل والطيران، قدم نموذجًا عمليًا لقيادة تلامس احتياجات الناس. هذا الإرث يُشكّل اليوم رافعةً لخطاب الحزب، الذي يركز على تقديم حلولٍ ملموسة بدل الاكتفاء بالوعود.
لكن السؤال يبقى: هل يكفي التنظيم والخطاب الجذاب لتحقيق النجاح في الانتخابات المقبلة؟
اقتدار وطن يستثمر الآن في بناء قاعدةٍ جماهيريةٍ تتجاوز الشعارات. فبفرقٍ تنظيمية تتراوح بين 300 و500 شخص في كل محافظة، يعمل الحزب على تطوير شبكةٍ تمتد إلى مختلف الطبقات الاجتماعية. كما يراهن على استراتيجيةٍ ذكية لإيصال رسائله عبر الإعلام وتنظيم الأنشطة الميدانية.
مع ذلك، فإن التحديات كبيرة، فالشارع العراقي بات أكثر وعيًا وانتقائيةً في خياراته، خاصةً في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية. على المحك، لا يكفي أن تكون الخطط طموحة، بل يجب أن تكون قابلةً للتنفيذ، وتتحدث بلغة الناس وهمومهم اليومية.
اليوم، حزب اقتدار وطن أمام فرصةٍ حقيقية لتقديم نفسه كبديلٍ وطنيٍ جديد، لكن النجاح يتطلب التماسك الداخلي، والمثابرة على الميدان، والاستمرار في بناء الثقة.
على المحك:
بين الطموح والواقع، يقف حزب اقتدار وطن أمام تحدياتٍ كبيرة. متبنياته تبدو واضحة ومبنية على أسسٍ منطقية وواقعية، لكن السؤال الأكبر هو: هل سيتمكن الحزب من ترجمة هذه الأفكار إلى برامج عملية تُقنع الشارع العراقي؟
الانتخابات المقبلة ستكون المحطة الحاسمة لتقييم مدى قدرة الحزب على تحقيق رؤيته. وعلى المحك، النجاح لا يعني فقط تحقيق عددٍ من المقاعد، بل إثبات أن اقتدار وطن هو مشروعٌ حقيقي للتغيير والإصلاح.