يواجه العراق أزمة مياه متفاقمة تهدد الحياة اليومية للمواطنين وتُشكل تحديًا خطيرًا للأمن القومي والاقتصادي في البلاد. فمع تراجع مناسيب الأنهار وانخفاض كميات المياه الواردة من دول الجوار، أصبحت العديد من المحافظات، لا سيما الجنوبية، تعاني من شحٍ غير مسبوق في المياه، مما أثر بشكل مباشر على الزراعة والصحة العامة والاستقرار الاجتماعي.
تعاني الأنهار الرئيسية كدجلة والفرات من انخفاض حاد في كميات المياه بسبب السياسات المائية التي تتبعها تركيا وإيران، حيث أقامت الدولتان سدودًا ضخمة قللت من تدفق المياه إلى العراق. في المقابل، لا تزال الحكومة العراقية عاجزة عن اتخاذ خطوات حازمة لمعالجة هذه الأزمة، سواء عبر الدبلوماسية المائية أو من خلال مشاريع تحلية المياه وتطوير شبكات الري
.
الزراعة، وهي ركيزة أساسية في الاقتصاد العراقي، تكاد تنهار في بعض المناطق، بعدما اضطر المزارعون إلى ترك أراضيهم بسبب الجفاف وانعدام الموارد المائية. كما بدأت المدن الكبرى تشهد اضطرابات في تزويد المواطنين بمياه الشرب، ما ينذر بأزمات صحية واجتماعية متزايدة.
ويرى مراقبون أن استمرار تجاهل هذه الكارثة سيقود إلى موجات نزوح جماعي، وصراعات محلية على مصادر المياه، وتزايد التوترات الاجتماعية، وهو ما يتطلب تحركًا حكوميًا سريعًا وخطة استراتيجية وطنية لإدارة الموارد المائية تشمل تفعيل المفاوضات مع دول الجوار، وتحديث شبكات المياه، وتوسيع محطات التحلية، وتشجيع الوعي المجتمعي حول ترشيد استهلاك المياه.
أزمة المياه في العراق لم تعد مجرد مسألة خدمية، بل باتت قضية وجودية تحتاج إلى إرادة سياسية وقرارات مصيرية تضمن للأجيال المقبلة حقها في الحياة والكرامة.