يشهد قطاع الصيدلة في العراق ظاهرة متنامية تتمثل بامتلاك بعض الأطباء صيدليات خاصة أو التعاون المباشر مع صيدليات بعينها، في ممارسات تثير الجدل وتطرح تساؤلات حول أخلاقيات المهنة واستغلال حاجة المرضى للعلاج.
ويعتمد عدد من الأطباء على كتابة وصفات مشفّرة أو غير مفهومة للمريض، في خطوة يُنظر إليها على أنها تهدف إلى دفع المريض لشراء الدواء من صيدلية معيّنة، غالبًا ما تكون تابعة لهم بشكل مباشر أو غير مباشر. هذا الأسلوب يضع المواطن في زاوية ضيقة، إذ يُحرم من حرية اختيار الصيدلية الأنسب له، سواء من حيث القرب أو الأسعار.
وتعاني شريحة واسعة من المواطنين من الارتفاع الكبير في أسعار الأدوية داخل تلك الصيدليات، مقارنة بغيرها، دون رقابة صارمة من الجهات المعنية. ويُرجّح أن يكون ذلك نتيجة الاتفاقات التجارية بين الطبيب والصيدلية، ما يجعل المريض هو المتضرر الأول والأخير.
عدد من المرضى اشتكوا من اضطرارهم لدفع مبالغ طائلة مقابل أدوية يمكن الحصول عليها بأسعار أقل في صيدليات أخرى، لولا تعقيد الوصفة الطبية أو التهديد بعدم فاعلية الدواء البديل. وتتحوّل العلاقة بين الطبيب والمريض إلى معادلة تجارية قائمة على الربح، بدلاً من أن تكون مهنية وإنسانية.
في ظل هذا الواقع، تزداد الدعوات لتفعيل الرقابة الدوائية والصحية، ومحاسبة الأطباء الذين يسيئون استخدام سلطتهم الطبية لتحقيق مكاسب مادية. كما يطالب المواطنون بنشر الوعي حول حق المريض في اختيار الصيدلية التي تناسبه، وضرورة كتابة وصفات طبية واضحة ومفهومة للجميع.
غياب الرقابة، وضعف تطبيق القوانين، وافتقار النظام الصحي لآليات الشفافية، كلها عوامل تغذي هذه الظاهرة، وتترك المواطن يواجه الأعباء الصحية والمالية بمفرده، في وقت يفترض أن يحصل فيه على رعاية صحية عادلة وميسّرة.