تشهد محافظة البصرة في جنوب العراق أزمة متفاقمة بسبب تزايد نسب الملوحة في مياه شط العرب، ما تسبب بتدهور كبير في نوعية المياه الواصلة إلى منازل المواطنين، وانعكس بشكل مباشر على حياتهم اليومية. هذه الأزمة، التي تكررت في السنوات الأخيرة، دفعت الآلاف من المواطنين إلى الخروج في تظاهرات حاشدة للمطالبة بتحسين واقع المياه وتوفير مصادر صالحة للشرب، ووقف الإهمال الحكومي المتراكم تجاه هذه المشكلة.
تعود جذور الأزمة إلى التراجع الكبير في منسوب المياه الواردة من نهري دجلة والفرات، الأمر الذي يسمح بتقدم اللسان الملحي من الخليج العربي إلى عمق شط العرب، ويزيد من ملوحة المياه المستخدمة في الزراعة والاستهلاك البشري. كما تساهم التجاوزات على الحصص المائية من المحافظات الوسطى، وغياب إدارة مائية فعالة، في تفاقم الوضع، مما أدى إلى نفوق الأسماك، وتضرر الأراضي الزراعية، وانتشار الأمراض المرتبطة بتلوث المياه.
من جهة أخرى، يعبّر المتظاهرون في البصرة عن سخطهم من تقاعس الجهات الرسمية وعدم اتخاذ حلول استراتيجية مستدامة، حيث تكررت الوعود الحكومية ببناء محطات تحلية جديدة وتحسين شبكات التوزيع دون أن يرى المواطن نتائج ملموسة على الأرض. وتشير التقارير المحلية إلى وجود فساد إداري ومالي في بعض مشاريع المياه، ما زاد من حالة انعدام الثقة بين السكان والسلطات.
وسط هذه الظروف، تطالب منظمات المجتمع المدني والنشطاء في البصرة بتدخل عاجل من الحكومة المركزية، ووضع خطة إنقاذ عاجلة تعتمد على تقنيات حديثة لتحلية المياه، وزيادة الإطلاقات المائية للمحافظة، وإنشاء سدود تنظيمية، وإيقاف التلوث الصناعي والبيئي الذي يفاقم المشكلة. الأزمة باتت تمس الأمن الإنساني في واحدة من أغنى محافظات العراق بالنفط والثروات، ما يجعل استمرارها دون حلول واقعية تهديداً مباشراً للاستقرار الاجتماعي والصحي والاقتصادي في الجنوب.