تقرير_حوراء هادي
في خطوة لافتة تهدف إلى استعادة موقعها المؤثر في سوق الطاقة العالمي، قرر تحالف "أوبك+" رفع مستويات الإنتاج تدريجياً خلال النصف الثاني من عام 2025، منهياً بذلك سياسة التخفيضات الطوعية التي اتبعتها المنظمة لعدة سنوات. القرار يأتي وسط تصاعد الضغوط الاقتصادية العالمية، وتنامي المنافسة من كبار المنتجين خارج التحالف مثل الولايات المتحدة وكندا والبرازيل.
ويرى أستاذ الاقتصاد الدولي، نوار السعدي، أن قرار "أوبك+" الأخير ليس مجرد استجابة ظرفية، بل تحرك استراتيجي يعكس رغبة التحالف في استعادة زمام المبادرة.
ويوضح السعدي أن "التحالف بات يدرك أن استمرار سياسة تقليص الإنتاج أصبحت غير مجدية، في ظل الحاجة الملحة لتحقيق التوازن في السوق العالمي، ومواكبة ارتفاع العرض من المنتجين المستقلين".
وبحسب السعدي، فإن القرار جاء أيضاً نتيجة لضغوط خارجية من الدول المستهلكة التي تعاني من مستويات تضخم مرتفعة، وأخرى داخلية من بعض أعضاء "أوبك+" الساعين لزيادة عائداتهم المالية في ظل أزمات اقتصادية متراكمة.
كيف ينعكس القرار على العراق؟
من بين الدول الأعضاء، يُعد العراق من أكبر المستفيدين من هذا القرار، إذ من المتوقع أن ترتفع حصته الإنتاجية لتتجاوز 4 ملايين برميل يومياً في النصف الثاني من عام 2025.
ويُشكل ذلك، بحسب السعدي، "فرصة حقيقية لتعزيز الإيرادات العامة، خاصة أن الاقتصاد العراقي لا يزال يعتمد بشكل كبير على العائدات النفطية، في ظل محدودية الموارد غير النفطية وضعف القطاعات الإنتاجية الأخرى".
زيادة الإيرادات المالية: ارتفاع الإنتاج يعني زيادة في حجم الصادرات النفطية، وبالتالي نمو الإيرادات العامة، ما يمنح الحكومة مساحة مالية أوسع لتنفيذ خططها ومشاريعها التنموية.
تقليص عجز الموازنة: مع تعزيز الإيرادات، يمكن تقليص الفجوة المالية في الموازنة العامة، خاصة في ظل التحديات المتعلقة بتمويل الإنفاق الجاري والدعم الحكومي.
دعم الاستقرار الاقتصادي: ارتفاع دخل النفط يساهم في دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي، وتعزيز ثقة الأسواق، ما ينعكس إيجابًا على استقرار سعر الصرف والسيطرة على معدلات التضخم.
تحفيز النشاط الاقتصادي: الإيرادات الإضافية قد تُستخدم لتحفيز الاستثمار في البنى التحتية والخدمات، وخلق فرص عمل جديدة، خاصة في قطاعات مثل الكهرباء والنقل والاتصالات.
رغم الفوائد المحتملة، يشير خبراء إلى ضرورة التعامل بحذر مع هذه الزيادة، إذ تبقى الأسعار العالمية رهناً بعوامل غير مستقرة مثل التوترات الجيوسياسية، والتقلبات في الطلب العالمي، وسياسات الطاقة البديلة.
كما أن الاعتماد المفرط على النفط يبقي الاقتصاد العراقي هشًا أمام أي صدمة محتملة في السوق، ما يؤكد الحاجة إلى الإسراع في تنفيذ برامج تنويع مصادر الدخل.
يمنح قرار "أوبك+" برفع الإنتاج العراق فرصة اقتصادية مهمة لتعزيز موارده المالية وتحقيق توازن في موازنته العامة، لكن تحقيق الأثر الإيجابي المستدام يتطلب سياسات مالية حكيمة، واستثمارًا ذكيًا للفوائض النفطية، بالتوازي مع إصلاحات بنيوية تدعم تنويع الاقتصاد الوطني.