كتب: المحرر السياسي
من حيثُ يمتزجُ الغبارُ بالعَبرات، وتلتهبُ الأرواحُ بالحُبِّ والولاء، تمتدُّ ركضةُ طويريج، لا كمسيرةٍ عابرة، بل كوثبةِ حقٍ في وجهِ الطغيان، ونداءِ وفاءٍ لا ينقطع… إنها الركضةُ التي لا تشبهُ الركض، بل اندفاعةُ أحرارٍ نحو ميدان الخلود، وبيعةٌ بالحُناجرِ والأقدام لسيد الشهداء، الإمام الحسين (عليه السلام).
في كل عاشوراء، عند زوالِ الشمس واحتدامِ الفاجعة، يتفجّرُ الطفُّ من جديدٍ في قلوب الملايين، فيركضون لا فرارًا من موت، بل شوقا نحو الشهادة… إنها ركضةُ العشق، الركضةُ التي تهدمُ جدران الخوف وتُسقطُ عروشَ الظلم، وتُعلن أن الحسين ما زال حيًّا في ضمائر الأحرار.
من طويريج، ومن كربلاء، ومن عمق الوجدان الشيعي، تولدُ الصيحةُ التي لا تسكن:
“يا حسين… يا حسين…”
صيحةٌ تهزُّ الأرض وتشقُّ السماء، وتؤرّقُ عروشَ الطغاة الذين يرون في هذه الجموع زحفًا لا يُقهر… وفي هذه الدموع زلزالا لا يُهدأ… وفي هذه الركضة، ثورةً لا تخمد.
ركضةُ طويريج ليست طقسا شعبيا، بل صرخةُ أمةٍ لا تركعُ إلا لله، ولا تبايعُ إلا للحق، ولا تهدأ حتى ترى راية كربلاء خفّاقة في ضمير كل شعب مظلوم.
سلامٌ على خطاكم…
سلامٌ على جباهكم العطشى للحسين…
سلامٌ على قلوبكم التي ما تخلّت يومًا عن كربلاء…
وفي كل ركضة، تُكتب عاشوراء من جديد…
وفي كل دمعة، يُولد الحسين من جديد…
وفي كل “يا حسين”، تُصنع القيامة من جديد…