كتب: ليث الربيعي
ليسوا بسطاء أولئك الشباب الذين يحملون همّ الوطن في صدورهم، حتى لو ضلوا الطريق إلى لافتة حزبية، أو عجزوا عن ترجمة الغضب النبيل إلى صوت انتخابي. إنهم يعرفون جيدا من أفسد، ومن تواطأ، ومن تاجر بالآمال ثم عاد في كل دورة انتخابية بثوبٍ جديد.
في العراق اليوم، يتكاثر الكلام وتضيق المسارات. أحزاب تقادمت حتى نسيت لماذا نشأت، وتحالفات وُلدت من رماد تجاربها الفاشلة، تعود بكل ثقة لتقول للشباب: “نحن المستقبل”. لكن الشباب ليسوا سُذّجا، ولا يعيشون خارج الذاكرة. يعرفون من قاد الوزارات وفشل، من وعد وأخلف، من رفع شعار الإصلاح ثم صار هو الأزمة.
في مقابل هذا الانغلاق، تبرز كيانات وتحالفات تحاول أن تتنفس من خارج عباءة الرعيل الأول. أقربها، من حيث الشكل والمضمون، إلى قلوب الشباب الذين تعبوا من الشعارات العالية بلا رصيد، تحالف “أبشِر يا عراق”، بقيادة السيد عبد الحسين عبطان، أحد الوجوه القليلة التي جمعت بين الهدوء السياسي والعمل التنفيذي النظيف، ونجح في تقديم صورة الوزير الذي لا يتعامل مع المنصب كغنيمة، بل كخدمة.
هذا التحالف لا يتكئ فقط على سجل رئيسه، بل يضم مجموعة من الشخصيات النيابية الشابة، التي خاضت معاركها التشريعية بعقل الدولة وروح الشعب. من بينهم النائب مصطفى سند، الذي استطاع، رغم العواصف، أن يضع قضايا الشارع على طاولة البرلمان، لا كمتفرج، بل كصاحب مشروع وموقف.
ما يميّز “أبشر يا عراق” ليس فقط نظافة اليد، بل أنه يخاطب وجدان الشباب المدني بلغة واقعية، بلا تعالي، وبلا استعلاء أيديولوجي. يقدم نموذجا يمكن للشباب أن ينضموا إليه دون أن يُطلب منهم أن يُقسموا الولاء أو يتخلوا عن أحلامهم ليصبحوا قطع غيار في ماكينة تقليدية.
وفي الخريطة المدنية، لا يمكن إنكار أن تحالف السيد الحلبوسي، رغم الجدل حول بعض سياساته، ما زال يحافظ على طابع مدني تنظيمي، يدير جمهوره بلغة أقرب إلى الحداثة السياسية من الصراخ الطائفي، ولهذا يجد قبولا لدى بعض فئات الشباب، خاصة في مناطقه.
أما التحالفات التي طرحت في الأيام الماضية – كتحالف السيد السوداني، وتحالف دولة القانون، وتحالف الحكمة، وبدر – فهي في نظر الشباب تمثّل عودةً للرعيل القديم بأخطائه، بفساده، وبعجزه المزمن عن إدارة الدولة. فيها أسماء تشكل جزءا من المشكلة، لا يمكن أن تكون جزءا من الحل، مهما غيّرت شعاراتها أو استعارت لغة الاحتجاج.
الشباب في العراق اليوم، ليسوا بلا بوصلة، بل هم بلا مرفأ سياسي يحتضنهم دون أن يستثمر آلامهم. يبحثون عن حزب لا يجعلهم ديكورا، وعن تحالف لا يعاملهم كأرقام انتخابية، بل كصنّاع قرار. ولهذا، ستكون قلوب المدنيين، لا صناديق الموالين، هي الفيصل في المعركة القادمة.
من لا يقرأ وجوه الشباب بصدق، لن يفهم صناديق الاقتراع، حتى لو جمع ألف ألف صوت.
#أبشر_يا_عراق
#الشباب_هم_المستقبل
#الوعي_السياسي
#صوتك_قوة