بقلم: د. علي طاهر
لا شك أن المشهد السياسي العراقي يشهد ديناميكية متسارعة، لاسيما مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وفي هذا السياق، يبرز إلى السطح نقاش جاد حول طبيعة العلاقة بين “ائتلاف دولة القانون” ودولة رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، وهي علاقة تتقاطع فيها المعادلة الحزبية مع ملامح التنافس الانتخابي المحتمل.
من المعروف أن رئاسة الوزراء تمثل مركز الثقل السياسي وصندوق الجاذبية الانتخابية لأي شخصية تسعى لحصد دعم جماهيري واسع، خاصة في ظل النظام الانتخابي المعتمد. ولعل ما يزيد من أهمية هذا المنصب أن السيد السوداني ينحدر من ذات الخلفية الحزبية التي ينتمي إليها السيد نوري المالكي، أي حزب الدعوة الإسلامية، ما يجعل التفاعل الجماهيري مع كلا الشخصيتين مرتبطاً بتاريخ الحزب وتوجهاته المستقبلية.
جمهور حزب الدعوة، على اختلاف انتماءاته داخل الحزب، اعتاد على دعم الشخصيات التي تتمتع بالكاريزما والقدرة على التأثير في القرار السياسي، وهو ما يجعل من بروز نجم السيد السوداني في هذه المرحلة نقطة محورية. إذ أن شريحة كبيرة من قواعد الحزب غير المؤدلجة تميل إلى الشخصيات ذات الحضور القوي، وكانت هذه القواعد، في مراحل سابقة، تصطف إلى جانب السيد المالكي في جميع المحطات الانتخابية.
وفي ضوء هذه المعادلة، فإن هناك من يعتقد أن بعض الأصوات المقربة من السيد المالكي قد تدفع باتجاه ترشيحه على رأس قائمة “ائتلاف دولة القانون” في العاصمة بغداد، الأمر الذي من شأنه أن يُعيد تشكيل التوازنات الانتخابية في هذه المحافظة المهمة، ويضعه كمنافس مباشر أو غير مباشر للسيد السوداني على صعيد الشعبية والتمثيل الجماهيري.
وبالعودة إلى تجارب الانتخابات السابقة، يمكن ملاحظة أن الأحزاب والقوائم الانتخابية باتت تعتمد بشكل متزايد على الشخصيات ذات الحضور المؤثر، وهو ما لمسناه بوضوح في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، من خلال الأداء الانتخابي المميز لشخصيات مثل السيد أسعد العيداني في البصرة، والسيد نصيف الخطابي في كربلاء، وكذلك السيد محمد المياحي في واسط.
من هذا المنطلق، فإن دخول السيد المالكي إلى حلبة التنافس الانتخابي، إن حدث، سيعطي بُعداً استثنائياً للعملية الانتخابية. ليس فقط باعتباره استفتاءً شعبياً على فترته في رئاسة الوزراء، بل كاختبار لرؤية الشارع السياسي لمستقبل القيادة داخل الحزب والدولة على حد سواء.
في النهاية، لا يسعنا إلا أن نتمنى التوفيق والنجاح لكل الشخصيات الوطنية والمكونات السياسية العاملة بجد من أجل استقرار العراق وازدهاره. غير أن التوقعات تشير إلى أن حجم المنافسة، وربما أيضاً الموارد التي ستُستثمر في هذه الانتخابات، سيكون على مستوى غير مسبوق في حال تقابلت هاتان الشخصيتان في السباق الانتخابي.