بقلم؛ عصام البويحيى
بينما يقترب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الثاني المقبل، تتضح ملامح الانقسام داخل التحالف الشيعي المعروف بـ”الإطار التنسيقي”، الذي يتجه للمشاركة بأكثر من قائمة انتخابية، بعد أن فشل في الوصول إلى صيغة موحدة لخوض الاستحقاق تحت مظلة واحدة.
وبحسب مصادر سياسية مطلعة تحدثت لـ #بغداد_الاخبارية ، فإن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قرر خوض الانتخابات المقبلة بقائمة منفصلة، بالتنسيق مع رئيس هيئة الحـ،،،د الشعبي فالح الفياض، وبعض القوى الفصائلية التي فضّلت التماهي مع مشروع الدولة، من دون أن تتورط في تحالفات تقليدية داخل الإطار.
السوداني، الذي يسعى إلى ولاية ثانية، يحاول أن يرسخ صورته كقائد حكومي مدعوم من “جمهور الدولة”، متجاوزا الاصطفافات الحزبية التي صنعت حكومته. ويأمل فريقه الانتخابي في الاستفادة من منجزات حكومته وموقعه الحالي في جذب شرائح واسعة من الناخبين، لا سيما في بغداد والجنوب.
إلى جانب السوداني، تؤكد المصادر أن الفياض “اقتنع بعدم جدوى خوض الانتخابات بقائمة مستقلة تحت عنوان الحـ،،،د، وفضّل الالتحاق بقائمة السوداني لضمان وحدة الخطاب واحتواء الانتقادات المتزايدة حول تسييس الهيئة”.
في المقابل، اختار هادي العامري، زعيم منظمة بدر، خوض الانتخابات بقائمة منفصلة، بعد أن تراجع عن خيار الاندماج مع السوداني، وذلك في محاولة لاستعادة هوية بدر التاريخية، ولإعادة تنظيم جمهورها على أسس فكرية وتنظيمية أقرب إلى محور “المقاومة”.
ويقول مصدر في تحالف الفتح، إن “العامري يحظى بدعم بعض القوى الفصائلية التي ترفض الذوبان في المشروع الحكومي، وتفضّل خوض المعركة تحت شعارات المقاومة، ما يعزز فرص حصول هذه القائمة على دعم من جمهور عقائدي في مناطق محددة”.
إلى جانب هذه القائمتين، يتحرك نوري المالكي، الأمين العام لحزب الدعوة، بقائمته المعروفة بـ”دولة القانون”، مستندا إلى قاعدة حزبية تقليدية وجمهور راسخ في بعض المحافظات. ويقدّم المالكي نفسه كخيار سياسي ثابت لم يساوم على مبادئه، في مقابل تحالفات تصفها أوساطه بـ”الانتهازية والمؤقتة”.
وتنضم إلى هذا المشهد، حركة عصائب أهل الحق، التي قررت خوض الانتخابات منفردة عبر قائمة “صادقون”، برئاسة قيس الخزعلي. وتُظهر العصائب إصرارا على اختبار وزنها الانتخابي الحقيقي، بعيدا عن التحالفات الكبيرة التي كانت جزءا منها في انتخابات سابقة.
أما التحالف الذي يجمع رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، مع رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، فما زال يواجه تحديات تتعلق بضعف القاعدة الجماهيرية، لكنه يُراهن على كونه “الخيار الوسطي” بين الحكومة والفصائل، وفق ما يقوله أحد المقربين من التحالف.
ويضيف: “التحالف لا يملك ماكينات انتخابية ضخمة، لكنه يسعى إلى استقطاب الجمهور المدني المعتدل وبعض النخب التي ترى أن الخيارين الآخرين (الحكومة والفصائل) لا يمثلانها”.
وفي موازاة ذلك، تلوح في الأفق احتمالات أخرى لظهور قوائم فصائلية إضافية، مثل حركة حقوق، التابعة لكتائب حزب الله، وزعيم كتائب الإمام علي، شبل الزيدي، اللذين يدرسان خيارات الترشح بقوائم خاصة. وهذا ما يعكس حالة التشظي داخل معسكر الفصائل الشيعية، الذي يفقد تدريجيا مركزية القرار السياسي.
وعلى الطرف الآخر من المشهد السياسي، لا يبدو أن القوى السنية بحال أفضل، بل إن المشهد هناك مرشح لانقسامات حادة، قد تكون لها تأثيرات مباشرة على شكل المعادلة المقبلة.
ففي الأنبار، يحاول محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق وزعيم “تقدم”، الحفاظ على نفوذه بعد تراجع حضوره بفعل صراعات داخلية وانتقادات حادة من قوى سنية منافسة. وتشير مصادر مطلعة إلى أن الحلبوسي قرر خوض الانتخابات عبر تحالفات متعددة تشمل وزير الصناعة خالد بتال (كتلة قمم) ومصطفى عياش الكبيسي (الصرح الوطني).
ورغم الحضور التنظيمي القوي لتقدم، فإن خصومه يتهمونه بتفكيك البيئة السنية لصالح أجندات ضيقة، وهو ما يجعل القاعدة العشائرية التي لطالما دعمته أكثر ترددا في حسم دعمها له هذه المرة.
بالمقابل، يواجه خميس الخنجر، زعيم “تحالف السيادة”، حالة من الغموض بشأن خياره الانتخابي. فباستثناء دعم مرشحه البارز النائب سالم العيساوي في بغداد، لا توجد مؤشرات واضحة على تحالف كبير يقوده الخنجر، ما يفتح المجال أمام تحالفات سنية جديدة لملء الفراغ.
ومن أبرز الأسماء التي يُتوقع عودتها إلى الساحة، وزير المالية الأسبق رافع العيساوي، ورئيس عشائر الدليم علي حاتم السليمان، في حال تمت تسوية ملفاتهم القضائية. وهو ما قد يشكل متغيرا جوهريا في إعادة تشكيل “صقور السنّة” كلاعب أساسي.
في ذات السياق، يسعى فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، إلى توسيع نفوذه عبر “تحالفات الحشد السنية”، خصوصا في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين، مستفيدا من شبكة علاقاته السابقة وتحالفات 2021 التي منحته أربعة مقاعد.
وبحسب سياسيين مطلعين، فإن مشروع الفياض يهدف إلى إحداث اختراق في الساحة السنية، وربط جمهورها بـ”تحالف الدولة” الذي يقوده السوداني، ما يمثل تحولا نوعيا في طبيعة التداخل بين مناطق النفوذ السياسي والطائفي.