تقرير: احرار الدعيجي
الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق تبدو محكومة بقانون “سانت ليغو”، ما يعني أن القوائم المذهبية ستحظى بأفضلية واضحة، وسط تصاعد ملحوظ في الخطاب الطائفي. الحديث عن “الانفصال الشيعي”، رغم غرابته، ليس سوى انعكاسٍ لحالة الاستقطاب السياسي التي بلغت ذروتها مع اقتراب موعد الانتخابات.
لكن المتغير الأبرز قد لا يكون في قانون الانتخابات أو تحالفات القوى التقليدية، بل في شخصية محمد شياع السوداني، رئيس الوزراء الحالي، الذي إن تمكّن من تحقيق نتائج قوية، فقد يعيد رسم المشهد السياسي العراقي بأكمله.
وعلى الرغم أن الإطار التنسيقي استفاد من مراجعة تجربته في انتخابات 2021، إلا أن نتائج انتخابات 2023 لم تكن مرضية تماما. ظهور زعامات محلية قوية، مثل أسعد العيداني في البصرة، نصيف الخطابي في كربلاء، ومحمد المياحي في واسط، زعزع الهيمنة التقليدية للتحالف الشيعي. هذه النتائج دفعت الإطار إلى إعادة النظر في تكتيكاته الانتخابية، خاصة في ظل احتمال تمدد السوداني وتحالفه مع هؤلاء المحافظين.
الخطة الجديدة للإطار التنسيقي تتلخص في خطين متوازيين:
1. إقناع الصدر بالمشاركة في الانتخابات، الأمر الذي قد يغير التوازنات لصالح القوى الشيعية التقليدية.
2. تقليل شعبية السوداني، لمنعه من التحول إلى قوة سياسية مستقلة قادرة على إحداث تغيير جوهري في المعادلة.
لكن المعادلة ليست بهذه البساطة، فالصدر لم يبدِ حتى الآن موقفا واضحا تجاه السوداني، ورغم وصفه لحكومته بـ”حكومة بني العباس”، إلا أنه لم يوجه له انتقادات مباشرة. هذا الصمت قد يكون إما تمهيدا لموقف أكثر حدة، أو محاولة لترك السوداني في حالة من الغموض السياسي.
وهذا ما سيجعل السوداني يواجه سيناريوهين رئيسيين:
• الأول، أن يحصل على نتائج متواضعة، مما يجبره على العودة إلى الإطار التنسيقي، ليصبح جزءا من معادلة حكم لا تختلف عن سابقاتها.
• الثاني، أن يحقق اختراقا سياسيا عبر تشكيل تحالفات مع المستقلين والمحافظين الأقوياء، ما قد يمهّد له طريقا لولاية ثانية بعيدا عن القيود التقليدية.
النائب حسين عرب رأى أن السوداني يمتلك فرصة قوية للفوز بولاية ثانية، خاصة مع دعم شخصيات مثل فالح الفياض وأحمد الأسدي، إلى جانب كتلة بدر وبعض المستقلين. لكن هذه المعادلة قد تتغير إذا قررت القوى الشيعية التقليدية توحيد جهودها لإفشاله، أو إذا قرر الصدر دخول السباق الانتخابي بقوة.
وفي ظل استمرار الاستقطاب الإقليمي، يظل العامل الدولي متغيرا غير محسوم. حيث يرى بعض المختصين أن أحد السيناريوهات التي قد تقلب المشهد السياسي هو تصعيد أمريكي ضد إيران، مما قد يغير ديناميكيات الانتخابات والتوازنات الداخلية.
السوداني قد لا يواجه مصير العبادي، لكن نجاحه ليس مضمونا بعد. المعركة الانتخابية المقبلة لن تكون فقط حول المقاعد، بل حول من سيكتب معادلة الحكم القادمة في العراق.