كتب: المحرر السياسي
في المشهد الانتخابي، لا شيء يبدو ثابتا، الأحزاب والقوى السياسية تتصارع، تتقارب، ثم تتباعد، في لعبة معقدة تحكمها المصالح، وتتحكم بها حسابات النفوذ والمقاعد البرلمانية. انتخابات نوفمبر 2025 تقترب، والكل يتحرك على رقعة شطرنج لا مكان فيها للصدف، بل تخطيط دقيق، واحيانا، مقامرة سياسية قد تقلب الطاولة على الجميع.
المعادلة بدأت تتضح، مع بوادر إعلان تيار الفراتين والحكمة وبدر وسند والنصر عن دخولهم الانتخابات ضمن قائمة واحدة، في تحالف يبدو وكأنه محاولة لجمع أوراق البيت الشيعي المبعثرة، وإعادة ترتيب الاصطفافات السياسية لمواجهة الاستحقاق الانتخابي. لكن، هل هو تحالف استراتيجي قائم على مشروع مشترك، أم مجرد زواج مصلحة انتخابية قد ينفرط عقده بعد إعلان النتائج؟
وعلى الجانب الآخر، اتخذت عصائب أهل الحق مسارا منفردا، بقرار واضح بالمنافسة بشكل مستقل بقيادة وزير التعليم نعيم العبودي، في خطوة تعكس رغبة العصائب في تكريس حضورها السياسي بعيدا عن الاندماج في تحالفات قد تقيد خياراتها. قرار له ما له من حيث وضوح الرؤية، وعليه ما عليه من حيث المغامرة في مواجهة كتل انتخابية أوسع.
أما دولة القانون وحزب الأساس، فقد وجدا في التحالف بوابةً لتعزيز موقفهما في السباق الانتخابي. تحالف يُعيد إلى الأذهان تحركات السنوات الماضية، عندما كان المالكي يسعى لإعادة تشكيل “تحالف شيعي قوي”، لكنه اليوم يواجه تحديات مختلفة، تبدأ من تآكل الشعبية، ولا تنتهي عند حدود التنافس الداخلي على زعامة القوى السياسية.
التحالفات الانتخابية في العراق ليست مجرد اتفاقات تقنية بين قوى سياسية، بل هي انعكاس لصراع أعمق على السلطة، ومحاولة لضبط التوازنات بين القوى المتنافسة. فهل ستصمد هذه التحالفات حتى موعد الانتخابات؟ أم أن المفاوضات الخلفية قد تُعيد رسم الخريطة السياسية في اللحظات الأخيرة؟
في ظل هذه الاصطفافات، يبقى السؤال الأكبر: هل ستفضي هذه الانتخابات إلى إعادة إنتاج نفس القوى بوجوه مختلفة، أم أن العراق مقبل على تغيير حقيقي في معادلة الحكم؟
يبقى الجواب مرهونا بمدى قدرة الأحزاب على إقناع الشارع، وبمدى نزاهة العملية الانتخابية، في بلد اعتاد أن تكون السياسة فيه لعبة مفتوحة على كل الاحتمالات.