تقرير: رحمن السوداني
مع اقتراب انتخابات مجلس النواب العراقي المقررة في نوفمبر 2025، تتزايد حدة المنافسة السياسية، وسط أجواء توحي بأن المعركة الانتخابية لن تكون تقليدية. فالتسقيط السياسي، واستغلال المال العام، والاتهامات المتبادلة بالفساد، أصبحت السمات الأبرز للمشهد الانتخابي، ما يضع شرعية الانتخابات ومستقبلها على المحك.
شرعية انتخابية هشة
الناطق باسم “حزب اقتدار وطن”، علي العطواني، يضع الانتخابات المقبلة في سياق أوسع، مشيراً إلى أن القوى المتنفذة في العراق ما زالت تعتمد على الورقة الطائفية والأمنية والاقتصادية لإعادة إنتاج نفسها، بدلاً من التركيز على تقديم برامج سياسية تلبي احتياجات المواطن. ومع تراجع نسب المشاركة الشعبية، تجد هذه القوى نفسها بين مطرقة انعدام الضمانات لمشاركة الناخبين، وسندان الضغوط الدولية لضمان الحد الأدنى من الشرعية الانتخابية، حتى لو كانت بنسبة إقبال منخفضة.
هذه الأزمة تقود إلى تحركات استباقية من بعض الأحزاب، في محاولة لتدارك السيناريوهات غير المتوقعة التي قد تهدد استمرارية سلطتها، خاصة مع تصاعد الامتعاض الدولي من الخلافات العميقة داخل الطبقة السياسية العراقية.
تحولات انتخابية مرتقبة.. وصعود قوى جديدة
في هذا المشهد المعقد، يرى المحلل السياسي الدكتور نسيم عبد الله، أن الانتخابات القادمة قد تشهد تراجعاً في حظوظ القوى الكلاسيكية، مقابل صعود قوى سياسية كانت منزوية في السنوات الماضية، لكنها ساهمت بشكل غير مباشر في توسيع دائرة المقاطعين للانتخابات.
الدكتور نسيم، يذهب أبعد من ذلك، متوقعاً أن تكون نسبة النزاهة في الانتخابات محدودة، بسبب التدخلات المالية والسياسية، إلا أن المتغير الحاسم سيكون مشاركة التيار الصدري، الذي قد يغير معادلة الانتخابات جذرياً، خاصة وأن “الإطار التنسيقي”، الذي قاد الحكومة الحالية، لم يحقق فوزاً انتخابياً بقدر ما استفاد من انسحاب الصدريين من المشهد السياسي.
قانون الانتخابات.. جدل مستمر ومصالح متشابكة
في ظل هذه التحولات، يبقى قانون الانتخابات موضع جدل، حيث لم تتمكن القوى السياسية من التوصل إلى صيغة توافقية بشأن تعديله حتى الآن. المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أكدت أنها ستجري الانتخابات وفق القانون الحالي، إلا إذا قرر البرلمان تعديله قبل موعد الاستحقاق الانتخابي.
يُذكر أن قانون الانتخابات العراقي شهد تغييرات متكررة خلال العقد الماضي، بدءاً من اعتماد “سانت ليغو” بنسبة 1.7 في 2014، إلى تعديله عام 2018 برفع النسبة إلى 1.9، ثم تغييره جذرياً عام 2020 بضغط من الشارع المحتج، حيث تم تقسيم المحافظات إلى دوائر انتخابية متعددة بدلاً من دائرة واحدة، ما منح المستقلين فرصة أكبر في المنافسة.
خلاصة المشهد
العراق مقبل على انتخابات غير تقليدية، في ظل تراجع ثقة الشارع بالعملية السياسية، وانقسام القوى المتنفذة حول قانون الانتخابات، وصعود تيارات جديدة قد تعيد رسم ملامح المشهد السياسي. ومع بقاء التسقيط السياسي واستغلال المال العام كأدوات رئيسية في الصراع الانتخابي، يبدو أن الانتخابات المقبلة لن تكون مجرد استحقاق ديمقراطي، بل معركة وجود بالنسبة للكثير من الأطراف.