كتب| المحرر السياسي
في أروقة السياسة العراقية، لا تزال العديد من القوانين العالقة بانتظار الحسم، بعضها يتوقف على إرادة تشريعية واضحة، بينما يقف البعض الآخر عند عتبة القرار السياسي، بانتظار توافق القوى الفاعلة. قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشـ،،د الشـ،،عبي يمثل واحدا من هذه القوانين، حيث يشكّل نقطة تقاطع بين الحقوق المكتسبة لمنتسبي الحشد والاستحقاقات التي تفرضها المعادلة السياسية.
لسان حال النواب، أن القانون أُنجز من قبل لجنة الأمن والدفاع النيابية، لكنه لا يزال ينتظر القرار السياسي الذي سيفتح الباب أمام عرضه في مجلس الوزراء ومن ثم إرساله إلى مجلس النواب للتصويت. الحديث هنا لا يتعلق فقط بمسألة إدارية أو تقنية، بل بمدى استعداد القوى السياسية لمنح الحشد الشعبي حقوقًا مساوية لما تتمتع به باقي الأجهزة الأمنية، في ظل حسابات داخلية وإقليمية معقدة.
ماذا سيغيّر القانون؟
إذا ما تم إقراره، سيحصل منتسبو الحشد الشعبي على حقوق خدمية وتقاعدية مماثلة لما يحصل عليه نظراؤهم في الجيش والشرطة، ومن أبرز هذه الحقوق:
✔ إمكانية التقاعد لمن أكمل 15 عامًا من الخدمة، مما يتيح تدوير الكوادر واستيعاب جيل جديد من المنتسبين.
✔ إعادة هيكلة الرواتب بحيث يحصل الضباط والمراتب على استحقاقاتهم وفق السلم الوظيفي.
✔ ضمان الحقوق التقاعدية، وهو مطلب أساسي لمن ضحوا خلال الحرب ضد الإرهاب وساهموا في حماية الأمن القومي.
العقبة الحقيقية.. التوافق السياسي
ورغم وضوح أبعاد القانون وأثره المباشر على حياة آلاف المقاتلين، إلا أن تمريره لا يعتمد فقط على القناعة التشريعية، بل على التوافق السياسي. السؤال الأهم هنا: لماذا لم يُقر حتى الآن؟
الإجابة تكمن في تداخل الملفات، فإقرار مثل هذا القانون يستلزم إجماعًا سياسيًا، خاصة مع وجود جهات ترى أن منح الحشد امتيازات مماثلة للأجهزة الأمنية الأخرى قد يُحدث تحولات في التوازنات داخل المنظومة الأمنية، فضلًا عن الهواجس المتعلقة بتأثيرات القرار على العلاقة بين بغداد وبعض العواصم الإقليمية والدولية.
اتفاق مرتقب أم تأجيل جديد؟
كل المؤشرات الحالية تشير إلى أن القرار السياسي هو العامل الحاسم في مصير قانون تقاعد الحشد. فهل سيتم التوافق قريبا على تمريره، أم أن التعقيدات السياسية ستدفع به نحو مزيد من التأجيل، ليبقى المنتسبون في انتظار حقوق لا تزال مؤجلة؟
في نهاية المطاف، يبقى الأمر اختبارا حقيقيا لمدى قدرة القوى السياسية على تحقيق العدالة لمنتسبي الحشد، بعيدا عن الحسابات الضيقة، خاصة وأن هذا الملف يمثل استحقاقًا لا يمكن إنكاره أو المساومة عليه.