عودة الكاظمي.. ورقة ضغط أم إعادة تموضع؟
كتب: المحرر السياسي
عاد رئيس الوزراء الأسبق مصطفى الكاظمي إلى العراق، معلنا استعداده للعودة إلى العمل السياسي، في خطوة قد تعيد خلط الأوراق في المشهد السياسي العراقي المعقد. وتطرح عودته عدة تساؤلات حول توقيتها ودلالاتها، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها حكومة محمد شياع السوداني، فضلًا عن الضغوط الأمريكية المتزايدة على القوى السياسية، خصوصا الفصائل المسلحة المنضوية تحت الإطار التنسيقي.
مناورة سياسية أم رسالة أمريكية؟
لطالما ارتبط اسم الكاظمي بالدوائر الاستخبارية الغربية، وهو ما يجعل عودته تثير تكهنات حول احتمال أن تكون جزءا من استراتيجية أمريكية جديدة للضغط على حكومة السوداني. فمع تصاعد الهجمات على المصالح الأمريكية في العراق، وتزايد التوتر الإقليمي، قد ترى واشنطن في عودة الكاظمي وسيلة لإعادة التوازن داخل الساحة السياسية، سواء عبر التلويح به كبديل سياسي محتمل، أو كعامل ضغط يجبر السوداني على التماهي أكثر مع المطالب الأمريكية، خاصة في ما يتعلق بضبط الفصائل المسلحة وتنفيذ التزامات العراق تجاه التحالف الدولي.
في هذا السياق، يرى محللون أن الكاظمي يمثل خيارا يمكن أن تلوّح به الولايات المتحدة في حال استمر السوداني في التردد أو المماطلة في تنفيذ هذه الملفات الحساسة. كما أن وجوده داخل العراق قد يبعث برسالة إلى القوى السياسية بأن البدائل لا تزال مطروحة على الطاولة.
ضغط على الإطار التنسيقي.. هل هناك إعادة اصطفاف؟
عودة الكاظمي قد تكون ايضا رسالة موجهة إلى قوى الإطار التنسيقي، التي تخوض صراعا داخليا بين جناحها السياسي والفصائل المسلحة. فالإدارة الأمريكية تصر على دمج الفصائل المسلحة داخل المؤسسات الأمنية الرسمية، وهو أمر يواجه مقاومة قوية داخل الإطار.
وجود الكاظمي داخل العراق قد يعني أن هناك حاجة أمريكية لإعادة الضغط على الإطار وإجباره على تقديم تنازلات، سواء فيما يتعلق بسحب الفصائل من المواجهة المباشرة مع القوات الأمريكية، أو في ما يخص الاستعداد للانتخابات المقبلة بطريقة أكثر انضباطا، بعيدا عن لغة السلاح والتصعيد.
هل يتقارب الكاظمي والصدر؟
في سياق آخر، لا يمكن استبعاد سيناريو إعادة التموضع السياسي، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار العلاقة التي كانت تربط الكاظمي بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. فخلال فترة رئاسته للحكومة، نجح الكاظمي في بناء علاقة جيدة مع التيار الصدري، وهو ما قد يدفع البعض إلى التساؤل: هل تشكل عودته مقدمة لتحالف جديد بين الرجلين؟
في حال قرر الكاظمي التنسيق مع الصدر، فإن ذلك قد يعيد خلط الأوراق داخل البيت الشيعي، خاصة أن التيار الصدري والإطار التنسيقي يخوضان صراعا غير معلن حول قيادة المشهد الشيعي في العراق. وإذا ما حدث تقارب بين الطرفين، فقد نشهد اصطفافات جديدة، وربما يكون هذا مقدمة لتحالف سياسي يقلب موازين القوى في الانتخابات المقبلة.
ماذا بعد؟
عودة الكاظمي إلى العراق ليست مجرد حدث عابر، بل خطوة تحمل في طياتها العديد من الرسائل السياسية، سواء لحكومة السوداني، أو لقوى الإطار التنسيقي، أو حتى للتيار الصدري. وبينما تتباين التفسيرات حول الأسباب الحقيقية لهذه العودة، يبقى الأكيد أن المشهد السياسي العراقي مقبل على تطورات قد تؤثر على شكل الانتخابات المقبلة، وربما تعيد رسم خارطة التحالفات من جديد.
وفي ظل هذه المعطيات، يظل السؤال الأبرز: هل ستكون عودة الكاظمي مقدمة لتحولات جوهرية في المشهد السياسي، أم أنها مجرد محاولة لإعادة التموضع في معادلة القوى القائمة؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالكشف عن الإجابة.